بنوك 24

مجموعة QNB: المركزي الأوروبي لن يتمكن من مجاراة الاحتياطي الفيدرالي رغم تصريحات التشديد

مجموعة QNB
مجموعة QNB

قالت مجموعة QNB فى تقرير لها إن حجم التضخم العالمي بلغ أعلى مستوياته منذ عقود، خاصة في الاقتصادات المتقدمة، مع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد. وهذا يُعرف بالركود التضخمي، ولكن شدته تختلف عبر مختلف البلدان. ولطالما واجهت منطقة اليورو التحدي المتمثل في كونها اتحادًا نقديًا دون أن تكون اتحادًا ماليًا أو مصرفيًا. ولذلك فهي تفتقر إلى الأدوات الضرورية للتعامل بفعالية مع الصدمات التي تضرب الاقتصاد بطريقة غير متكافئة عبر بلدانها الأعضاء. وتعتبر التحركات الأخيرة للسماح بإصدار السندات المشتركة خطوات في الاتجاه الصحيح، لكنها قد تكون غير كافية لمواجهة صدمة كبيرة مثل تلك التي تعرضت لها إمدادات الطاقة الأوروبية بفعل الحرب في أوكرانيا.
يواجه البنك المركزي الأوروبي مهمة مستحيلة تتمثل في وضع سياسة نقدية واحدة مناسبة لمزيج متنوع من البلدان التي تمر بأوضاع مختلفة للغاية. وسنقوم في هذا الأسبوع بتقييم مستوى النشاط الاقتصادي والأسعار في أكبر أربعة اقتصادات في منطقة اليورو: ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

أولًا، سنتطرق إلى النشاط الاقتصادي عبر مقياس الناتج المحلي الإجمالي. وفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي لشهر أبريل، من المتوقع أن تتجاوز فرنسا وألمانيا فقط مستوى النشاط الاقتصادي الذي كان سائدًا قبل الجائحة (2019) في عام 2022 ولكن ليس بفارق كبير (الرسم البياني 1). في المقابل، شهدت كل من إيطاليا وإسبانيا تراجعًا أكبر بكثير في النشاط الاقتصادي خلال ذروة الجائحة في عام 2020، ولن تصل إلى مستوى ما قبل الجائحة في عام 2022. ويُعتبر أداء البلدان الأربعة ضعيفًا مقارنة بأداء الولايات المتحدة، ولكن التباين في منطقة اليورو هو الأمر المهم بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، لأن الاقتصادين الإيطالي والإسباني في وضع أضعف بكثير في عام 2022 مقارنة بالاقتصادين الفرنسي أو الألماني.
ثانيًا، سنقارن مستوى الأسعار في الاقتصادات الأربعة بنفس الطريقة تقريبًا. ما نراه هو أن مستوى الأسعار في ألمانيا أعلى بكثير مما هو عليه في البلدان الثلاثة الأخرى (الرسم البياني 2). في الواقع، من السهل أن نلاحظ من الرسم البياني أن معدل الزيادة في الأسعار، وهو ما نشير إليه عادةً بالتضخم، يتماشى بشكل عام مع نسبة التضخم المستهدفة من قبل البنك المركزي الأوروبي والتي تبلغ 2% في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

لذلك فإن الاستنتاج من تحليلنا بسيط إلى حد ما. فلا قوة اقتصاد منطقة اليورو الكلي ولا الزيادة في الأسعار (التضخم) تستدعيان تشديدًا كبيرًا في السياسة النقدية.

ولكن، لا ينبغي أن نتجاهل حقيقة أن أوروبا تتعرض لصدمة ضخمة في إمدادات الطاقة، والتي نتوقع أن تؤدي إلى إضعاف النشاط الاقتصادي بشكل كبير وزيادة التضخم على نحو يفوق توقعات صندوق النقد الدولي لشهر أبريل. وفي هذا السياق، تواجه أوروبا صدمة ركود تضخمي أسوأ بكثير من الولايات المتحدة. ويرجع ذلك إلى أن أسعار الطاقة في أوروبا ارتفعت أكثر بكثير مما هي عليه في الولايات المتحدة، وتعتبر الاقتصادات الأوروبية من كبار المستوردين الرئيسيين. وهذا الأمر يجعل اتخاذ القرار في البنك المركزي الأوروبي أكثر صعوبة ويشير إلى خلاصة مفادها أن السياسة النقدية في منطقة اليورو ينبغي أن تكون أكثر دعمًا مما هي عليه في الولايات المتحدة.
التوجيهات المستقبلية الحالية للبنك المركزي الأوروبي هي:
اعتبارًا من 1 يوليو 2022، سينهي البنك المركزي الأوروبي صافي المشتريات بموجب برنامج شراء الأصول الخاص به، ومن ثم يعتزم رفع أسعار الفائدة بنسبة 0.25% في يوليو وزيادتها مرة أخرى في سبتمبر، مع إمكانية إجراء مزيد من الزيادات حسب تطورات التضخم.

هذه النظرة المستقبلية لسياسة البنك المركزي الأوروبي هي في الواقع أكثر تيسيرًا بكثير من التوقعات الخاصة بسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، خاصة بعد رفعه سعر الفائدة بواقع 75 نقطة أساس. وحتى مع الوتيرة البطيئة من التشديد، تعرضت هوامش السندات في البلدان الطرفية، مثل إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان، لضغوط في الأسابيع الأخيرة. وقد دفع هذا الأمر البنك المركزي الأوروبي إلى الإعلان عن أنه سيكون مرنًا عند إعادة استثمار عائدات برنامج شراء الأصول "للحفاظ على عمل آلية تحول السياسة النقدية". وهذا يعني بشكل تلقائي دعم البلدان الأضعف، ذات مستويات الديون المرتفعة عن طريق شراء المزيد من ديونها. علاوة على ذلك، فوض البنك المركزي الأوروبي أيضًا لجانًا فرعية مختلفة بتصميم "أداة جديدة لمكافحة تشتت الأسواق المالية". ولا تزال التفاصيل الدقيقة لمثل هذه الأداة غير مؤكدة ولم يتم تحديدها بعد.

في الختام، نتوقع، من وجهة نظرنا، دخول منطقة اليورو في حالة ركود، وأن ينخفض ​​التضخم بشكل حاد في وقت لاحق من هذا العام. في الوقت نفسه، سيشدد البنك المركزي الأوروبي سياسته النقدية تدريجيًا، بينما يستخدم مشتريات الأصول لدعم البلدان الطرفية الأضعف في محاولة لتجنب عودة أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو.