تحليلات ومقالات

خبراء يتوقعون سيناريوهات التضخم خلال النصف الثانى من 2025 ؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عز الدين حسانين: 6% تراجعا في معدلات الفائدة ووصولها  لـ 20-21 %   
مروة الشافعي: معدلات التضخم ستتراجع فيما بين  9%  بنهاية العام

إيمان سعيد: الأرجح تسجيل التضخم الأساسي متوسطا يتراوح بين 10% و12 % 

ملحوظة - تم إعداد التحقيق قبل الحرب الإسرائيلية الإيرانية 

أكد عدد من خبراء القطاع المصرفي أن هناك عدة سيناريوهات تحدد معدلات التضخم خلال النصف الثاني من عام 2025، لافتين إلى أنه من المتوقع أن تتخذ معدلات التضخم اتجاها نزوليا وان تتراجع المعدلات بنسبة تتراوح ما بين 6% إلى 9% مرهونا بعدد من العوامل والمعايير التي تتحكم في معدلات التضخم.
وأشاروا إلي أنه  وفقا لتوقعات بعض المؤسسات الدولية فإن التضخم الأساسي سيشهد تراجعًا خلال 2025، حيث رجحت "ستاندرد تشارترد" أن ينخفض التضخم إلى 20%، وتوقع "جولدمان ساكس" أن يبلغ معدل التضخم السنوي بنهاية العام 13.4%.

الخبير المصرفي الدكتور عز الدين حسانين 


في البداية قال الخبير المصرفي، الدكتور عز الدين حسانين، إن بيانات التضخم الأساسي للبنك المركزي المصري تشير إلى ارتفاع معدل التضخم الأساسي في أبريل 2025 على أساس شهري وسنوي، ولعل عودة التضخم الأساسي للإرتفاع مجددًا وبنسبة طفيفه يعود في الأساس إلي رفع أسعار الوقود والطاقه في أبريل 2025  مما كان له أثر مباشر على ارتفاع أسعار السلع الأساسيه.
وأضاف أنه من المرجح ارتفاع التضخم مرة أخرى في ضوء قرارات الحكومة الخاصة بمراجعات أسعار الطاقة بنهاية العام الحالي 2025، كما أن التوترات الجيوسياسيه التي تشهدها المنطقه وبعض مناطق العالم بالإضافه إلى تعريفات الرئيس الأمريكي التي تم تعليقها 90 يوم إلا أن أثرها سيكون مباشر على أسعار مدخلات الإنتاج للصناعة المصرية، وارتفاع أسعار السلع الأولية عالميا، مما سيكون من المحتمل عوده التضخم للارتفاع تدريجيا.
وأشار إلى أن اتباع السياسة النقدية نظام سعر الصرف المرن وترك تحديد سعر الصرف وفق أليات العرض والطلب مما يعني تذبذب في سعر الصرف مما قد يؤدي إلى موجه تضخمية مدفوعة بتغيرات سعر الصرف إذا ما اتجهت للارتفاع فوق مستويات 51 جنيه، أما استقرار سعر الصرف ووجود تدفات دولارية قوية من تحويلات العاملين بالخارج والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة والغير مباشرة وصرف الشريحة الخامسة من صندوق النقد الدولي وحزمة الدعم الأوربية ستقلل من تأثرات تذبذب سعر الصرف وستساهم في استقراره عن مستويات أقل من 50 جنيه وربما يتجه نزولا ليوازن التغيرات المحتملة وتأثر أي تحركات للتضخم المستورد المدفوعة بقرارات الرئيس الأمريكي.
وأضاف أن البنك المركزي سيساهم بشكل كبير في الوصول إلى مستهدفات التضخم وهي 7% (+/- 2) من خلال استمرار السياسة النقدية المتزنة، فبالرغم من سياسة التيسيير النقدي التي اتبعها البنك المركزي من خلال خفض الفائدة خلال الجلستين السابقتين بمقدار 3.25% إلا أن البنك المركزي مستمر باتباع سياسة السوق المفتوحة وسحب السيولة الفائضة لدي البنوك التجارية لضبط المعروض النقدي وبالتالي كبح أي سيولة فائضة في الأسواق قد تؤثر على عودة التضخم من جديد، فهذا التوازن بين المعروض النقدي وسحب السيولة من البنوك وفي نفس الوقت خفض الفائدة لن يكون له تأثير على تضخم السيولة في الأسواق، هذا بخلاف أنه بالرغم من خفض الفائده 3.25% إلا أن سعر الإقراض 25% مازال مرتفعا أمام مجتمع الأعمال، ومن المتوقع استمرار البنك المركزي في خفض الفائدة تدريجيا خلال العام الحالي 2025 إذا ما سمحت الظروف الاقتصادية الداخيلة والإقليمية والدولية بذلك.
ووفقا لتوقعات بعض المؤسسات الدولية فإن التضخم الأساسي سيشهد تراجعًا خلال 2025، حيث رجحت "ستاندرد تشارترد" أن ينخفض التضخم إلى 20%، وتوقع "جولدمان ساكس" أن يبلغ معدل التضخم السنوي بنهاية العام 13.4%، كما يتوقع صندوق النقد الدولي سيطرة مصر على التضخم بوتيرة أسرع بحلول 2025 لتصل إلى 21%، إلا اننا نرى أن حجم التخفيض خلال العام 2025 سيكون في حدود 6% وهو ما يتوافق مع توقعات صندوق النقد الدولي ووصوله بنهاية العام إلي 20-21 %  .

الخبيرة المصرفية الدكتورة مروة الشافعي 


وفي سياق متصل قالت الخبيرة المصرفية، الدكتورة مروة الشافعي، أنه في مايو 2025، اتخذ البنك المركزي المصري خطوة جديدة ضمن مسار التيسير النقدي، بخفض أسعار العائد الأساسية بمقدار تراكمي بلغ 300 نقطة أساس منذ بداية دورة التيسير. يعكس هذا القرار تحوّلًا دقيقًا ومدروسًا في فلسفة السياسة النقدية، من أولوية كبح التضخم عبر التشديد إلى نهج أكثر توازنًا يهدف لدعم استقرار الأسعار مع تحفيز النشاط الاقتصادي تدريجيًا، في ضوء تغير البيئة الاقتصادية الكلية محليًا وعالميًا.

وأضافت أنه على الصعيد العالمي، تستمر إشارات التباطؤ في النمو في الظهور بوضوح، مدفوعة بتصاعد التوترات التجارية، وتزايد الحواجز الحمائية، واستمرار اختناقات سلاسل التوريد. هذا التباطؤ في الزخم الاقتصادي العالمي انعكس في تراجع نسبي في أسعار السلع الأساسية، خصوصًا النفط والحبوب، مدفوعًا بعوامل من جانب الطلب وتوقعات بضعف استهلاك الشركات والأسر في الاقتصادات الكبرى. وقد خفّف هذا الاتجاه من الضغوط التضخمية المستوردة، ما مكّن الاقتصادات النامية من مراجعة سياساتها النقدية تدريجيًا دون المساس باستقرار العملة أو تدفقات رؤوس الأموال.
وفيما يخص المستوى المحلي، أشارت إلى أن آثار السياسة النقدية الانكماشية التي طُبقت منذ مطلع 2023 بدأت في الظهور من خلال تباطؤ معدلات النمو النقدي والائتماني، ما أسهم في كبح الضغوط السعرية تدريجيًا. وبالرغم من بعض التذبذبات الشهرية الناتجة عن تحريك أسعار الطاقة أو السلع المُدارة، سجّلت معدلات التضخم العام والأساسي في أبريل 2025 مستويات معتدلة نسبيًا بلغت 13.9% و10.4% على التوالي. ويُعزى جزء من هذا التماسك إلى التراجع في أسعار السلع الغذائية، وتباطؤ التضخم الكامن.

وأوضحت أن اللافت أن الحكومة أعلنت رسميًا عن عدم وجود نية لزيادة أسعار المحروقات في الأجل القصير، مع تأكيد بعدم إجراء أي تعديلات سعرية قبل مرور ستة أشهر على الأقل، ما يُضيف عنصرًا من الاستقرار إلى توقعات التضخم في النصف الثاني من العام. ويُضاف إلى ذلك التحسن النسبي في سوق العمل، حيث انخفض معدل البطالة إلى 6.3%، دون أن يقترن ذلك بضغوط تصاعدية على الأجور أو ارتفاع في مستويات الطلب الكلي بشكل قد يغذي التضخم.

وأشارت إلى أنه استنادًا إلى هذه المتغيرات، يُتوقع أن يسلك التضخم منحنى نزوليًا خلال النصف الثاني من 2025، ليصل التضخم الأساسي إلى نطاق يتراوح بين 9% و9.5%، بينما يُرجّح استقرار التضخم العام بين 11% و12%، ويظل هذا السيناريو مرهونًا بعدم حدوث صدمات خارجية حادة، مثل ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا أو اضطرابات في سلاسل التوريد. ورغم استمرار الإصلاحات المالية، فإن تأثيرها على الأسعار سيبقى محدودًا طالما تم تنفيذها ضمن إطار زمني تدريجي وبتنسيق محكم مع السياسة النقدية.

وتابعت: " تشكل المرحلة الحالية نقطة تحول نحو استقرار نقدي نسبي، يتطلب الحفاظ على درجة عالية من المرونة في إدارة أدوات السياسة النقدية، والتنسيق الوثيق مع السياسات المالية وهيكل الاقتصاد الحقيقي. وتظل قدرة البنك المركزي على المواءمة بين دعم النشاط الاقتصادي وضمان الانضباط النقدي، بالتوازي مع تحفيز إنتاجية جانب العرض، هي العامل الحاسم لضمان ترسيخ معدلات تضخم متسقة مع المستهدف البالغ 7% (±2%) بنهاية 2026 ".

الخبيرة الاقتصادية الدكتورة إيمان سعيد 

من جانبها قالت الدكتورة إيمان سعيد، الخبيرة الاقتصادية، إن بيانات التضخم الأساسي الصادرة عن البنك المركزي المصري تظهر تسارعا ملحوظا في وتيرة الأسعار خلال أبريل 2025. المعدل الشهري ارتفع إلى 1.2% مقارنة بـ0.9% في مارس و0.3% في أبريل من العام الماضي، فيما قفز المعدل السنوي إلى 10.4%، ما يعكس ضغوطا تضخمية متزايدة رغم جهود السياسة النقدية المستمرة.

وأضافت أن قراءة هذه الأرقام لا تكتمل دون فهم السياق الأوسع حيث أن الاقتصاد المصري يواجه في 2025 مزيجا معقدا من التحديات منها التوترات الجيوسياسية الإقليمية، ضغوط ميزان المدفوعات، استمرار اضطراب سلاسل الإمداد العالمية، وارتفاع فاتورة الواردات الغذائية والطاقوية، هذه العوامل مجتمعة تخلق بيئة تضخمية يصعب احتواؤها بالأدوات التقليدية للسياسة النقدية فقط.

وأشارت إلى أن السيناريو المحتمل للتضخم خلال النصف الثاني من 2025 يعتمد على توازن حساس بين عوامل متعددة أبرزها استمرار تحسن الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية مما يحد من تكاليف الواردات ويقلل من الضغوط السعرية الداخلية، ونجاح الحكومة في ضبط أسعار السلع الأساسية والخدمات العامة دون الدخول في موجات تقشف أو رفع مفاجئ للدعم، والسيطرة على الدين العام وخفض العجز المالي بطرق لا تؤدي إلى ضغوط تضخمية جديدة، استقرار أسعار الغذاء والطاقة عالميا، وهو عامل خارجي لكنه شديد التأثير على هيكل التضخم في مصر، وتحسن الإنتاج المحلي في قطاعات الزراعة والتصنيع والخدمات مما يخفف الاعتماد على الواردات.

وأوضحت أن يبقى السيناريو الأرجح هو تسجيل التضخم الأساسي متوسطا يتراوح بين 10% و12 % خلال النصف الثاني، مع تذبذب شهري ناتج عن عوامل موسمية كالعيد وموسم العودة إلى المدارس ومع احتمالات بتراجع طفيف في الربع الأخير حال نجاح السياسة النقدية في امتصاص الضغوط، وعدم حدوث مفاجآت خارجية كأزمات جديدة في الطاقة أو اضطرابات في قناة السويس.

وأشارت إلى أن التضخم في مصر لم يعد مجرد مؤشر اقتصادي، بل أصبح أحد أبرز التحديات الاجتماعية والمعيشية، ما يفرض على صانع القرار أن يتعامل معه كأولوية استراتيجية، لا مجرد هدف رقمي، لافته إلى أن  التحدي الأكبر خلال الفترة المقبلة لن يكون فقط في كبح التضخم، بل في الموازنة بين هذا الهدف ودعم النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاعات الإنتاجية التي تعاني من ارتفاع التكاليف وضعف القوة الشرائية.

وكان البنك المركزي قال أن معدل التغير الشهري في الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين الذي يعده البنك المركزي المصري، فقد سجل 1.2% في أبريل 2025 مقابل 0.3% في أبريل 2024 و0.9% في مارس 2025، وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم الأساسي 10.4% في أبريل 2025 مقابل 9.4% في مارس 2025

 

الأكثر مشاهدة