أخبار اقتصادية

صندوق النقد العربي يصدر التقرير السنوي عن الاستقرار المالي في الدول العربية لعام 2021

صندوق النقد العربي
صندوق النقد العربي

جهود متواصلة للمصارف المركزية العربية لتطوير الإطار المؤسسي والتشريعي وتهيئة البنية التحتية المالية المواتية لتعزيز الاستقرار المالي متانة مؤشرات القطاع المصرفي لدى الدول العربية رغم المخاطر والتحديات القائمة ارتفاع ملحوظ في حجم الموجودات والتسهيلات والودائع لدى القطاع المصرفي خلال عام 2020   ارتفاع متوسط كفاية رأس المال لدى القطاع المصرفي العربي إلى 17.8 في المئة في نهاية عام 2020 تراجع نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير العاملة لتصل إلى نحو 85.7 في المئة في نهاية عام 2020  ارتفاع متوسط نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع المصرفي إلى 8.4 في المائة في نهاية نفس العام  الحفاظ على معدلات ربحية جيدة للقطاع المصرفي العربي رغم التحديات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد بلغ متوسط معدل العائد على الموجودات والعائد على حقوق المساهمين 0.81 في المئة و6.55 في المئة على التوالي في نهاية عام 2020  تراجع في قيمة مؤشر الاستقرار المالي في الدول العربية جراء جائحة كورونا لعام 2020   إجراءات تحفيزية ووقائية قامت بها المصارف المركزية العربية للحد من أثر فيروس كورونا المستجد على الاستقرار المالي أصدر صندوق النقد العربي التقرير الرابع عن الاستقرار المالي في الدول العربية، الذي تم إعداده بالتعاون والتنسيق بين صندوق النقد العربي وفريق عمل الاستقرار المالي في الدول العربية، المنبثق عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية. وتناول التقرير بفصوله التسعة عدة جوانب اقتصادية ومالية تهم الدول العربية، في إطار سعيها لتعزيز الاستقرار المالي، إذ تطرق الفصل الأول إلى التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية وإنعكاساتها على الاستقرار المالي في الدول العربية، وتم إلقاء الضوء في هذا الفصل على التحديات التي تواجه اقتصادات الدول العربية وأثر الانعكاسات المتوقعة للتطورات الاقتصادية العالمية، أخذاً بالاعتبار تداعيات فيروس كورونا المستجد.

وأكد التقرير أهمية دور صانعي السياسات والبنوك المركزية في تنفيذ إصلاحات هيكلية ومالية لتعزيز النمو الاقتصادي، بما ينعكس إيجاباً على الإستقرار المالي.

وتناول الفصل الثاني تطورات الأطر التشريعية والمؤسسية للاستقرار المالي وتعزيز البنية التحتية للقطاع المالي في الدول العربية، إذ بيّن جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية الرامية لتطوير الأطر المؤسسية والتشريعية لتعزيز الاستقرار المالي، بما في ذلك جهود التنسيق مع السلطات الإشرافية الأخرى.

كذلك تطرق الفصل إلى تطورات نظم البنية التحتية للقطاع المالي والمصرفي في الدول العربية، في إطار سعيها لتحقيق الاستقرار المالي عبر تأسيس وتطوير الإشراف على بنية تحتية مالية ومصرفية متوافقة مع أحدث الممارسات الدولية، بما تتضمنه من أنظمة مصرفية ورقابية حديثة وبما يحقق التطور وزيادة الموثوقية في الخدمات المقدمة من المؤسسات المالية والمصرفية.

وأظهر التقرير تواصل الجهود في تطوير نظم الدفع والتسوية، ونظم المعلومات الائتمانية، والسياسات الإحترازية الكلية والجزئية، وجوانب الشفافية والمساءلة والإفصاح، والإستقرار المالي والمخاطر النظامية.

وخُصص الفصل الثالث لتطورات أداء القطاع المصرفي العربي والمخاطر المحتملة، إذ بيّن أبرز المؤشرات المالية المتعلقة بالقطاع المصرفي العربي، الذي يبلغ حجم موجوداته نحو 3.8 ترليون دولار أمريكي، يمثل ما نسبته 159 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول العربية.

وارتفع كل من حجم الموجودات والتسهيلات الائتمانية والودائع لدى القطاع المصرفي في نهاية عام 2020 بمعدل 7.5 في المئة و10.7 في المئة و5.1 في المئة على التوالي، الأمر الذي يعكس ثقة العملاء والسوق في القطاع المصرفي، إذ استطاع القطاع المصرفي تحقيق هذا النمو رغم التحديات الكبيرة التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد.

ويعود السبب الرئيس في ارتفاع حجم موجودات القطاع المصرفي إلى ارتفاع الطلب على الائتمان في ظل تأثر التدفقات النقدية لقطاعي الأفراد والشركات بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد. أما بالنسبة لنمو حجم الودائع، فله دلالات إيجابية عديدة منها على سبيل المثال: ثقة العملاء في القطاع المصرفي العربي، نجاح سياسات البنوك في تعبئة المزيد من المدخرات، نجاح إستراتيجيات أو برامج الشمول المالي التي تبنتها السلطات الرقابية، الأثر الإيجابي للخدمات المالية التي تعتمد على التقنيات المالية بما يُعزز من فرص الوصول إلى التحويل والخدمات المالية.

أما فيما يخص مؤشرات المتانة المالية لدى القطاع المصرفي في الدول العربية، فأظهر التقرير تميّز القطاع المصرفي العربي بملاءة مالية مرتفعة، إذ وصل متوسط نسبة كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي إلى نحو 17.8 في المئة في نهاية عام 2020، وهي نسبة أعلى من تلك المستهدفة دولياً حسب معيار بازل Ⅲ البالغة 10.5 في المئة، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية ويعزز من قدرته على استيعاب أية خسائر محتملة.

كما تجدر الإشارة إلى أن القطاع المصرفي العربي حقق أعلى نسبة كفاية رأس مال خلال الفترة (2013-2020)، بما قد يعكس تحفظ القطاع المصرفي وتحوطه لمواجهة أي صدمات غير متوقعة عبر بناء هوامش رأس مال إضافية. إضافةً لذلك، اتبعت المصارف المركزية نهجاً تحفظياً بخصوص متطلبات بازل III المتعلقة بكفاية رأس المال، معبر إصدار تعليمات ومتطلبات رقابية تتضمن إلزام البنوك التجارية بالاحتفاظ بنسب أعلى من تلك المقررة في متطلبات بازل III، إضافة إلى وضع قيود على توزيع الأرباح في القطاع المصرفي عزز قاعدة رأسمال البنوك ودعم متانتها وقدرتها على مواجهة المخاطر.  

أما بالنسبة لجودة الأصول، فتأثر القطاع المصرفي في الدول العربية بآثار أزمة فيروس كورونا المستجد، إذ انعكست آثار الجائحة على التدفقات النقدية للأفراد والشركات، وساهمت إجراءات المصارف المركزية المتمثلة في تأجيل أقساط المتضررين من جراء أزمة فيروس كورونا المستجد، في ضبط نسبة التسهيلات غير العاملة لتبقى ضمن مستويات مقبولة في نهاية عام 2020، إذ بلغ متوسط النسبة نحو 8.4 في المئة، مقابل 7.5 في المئة في نهاية عام 2019.

وفي نفس السياق، حافظ متوسط نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير المنتظمة على مستوياته الجيدة في نهاية عام 2020، رغم التحديات التي فرضتها أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد، إذ بلغ متوسط النسبة نحو 85.7 في المئة في نهاية عام 2020 مقابل 87.8 في المئة في نهاية عام 2019، علماً أن نسبة التغطية بقيت أعلى من المستويات المحققة قبل عام 2018، إذ بدأت العديد من الدول العربية في تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 (IFRS9).

وبموجب هذا المعيار يتم بناء مخصصات إضافية بشكل تحوطي منذ اليوم الأول لمنح الائتمان، الأمر الذي يُعزز من قدرة البنوك على مواجهة مخاطر الائتمان، بالتالي تعزيز الاستقرار المالي.

وسيؤدي تطبيق المعيار المذكور إلى تعزيز متانة وملاءة البنوك والتحوط للصدمات المحتملة. فالمخصصات الإضافية التي قد تنتج عن تطبيق المعيار (خاصة في بداية التطبيق) تزيد من قدرة البنوك على مواجهة المخاطر وتمثل حماية إضافية لرأس المال، إذ يعزز هذا المعيار من تحوط البنوك للمخاطر عبر بناء مخصصات تأخذ بالاعتبار البعد التنبؤي للخسائر (بما يشمل البعد الاقتصادي) منذ اليوم الأول لمنح الائتمان، هذا بدوره يمثل هامش تحوط إضافي يقلل العبء على رأس المال ويعزز من ملاءة البنوك.

أما عن أداء القطاع المصرفي، كما هو في سائر دول العالم، فتأثرت أرباحه في الدول العربية بشكل ملحوظ في نهاية عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، إذ إن الإنعكاسات السلبية للجائحة أثرت على ربحية البنوك، منها على سبيل المثال: الأثر السلبي على قدرة عملاء البنوك على السداد، وتراجع النشاط الاقتصادي، وإرتفاع المخصصات المرصودة إزاء القروض المتعثرة، وتأجيل أقساط المقترضين، ووضع قيود على توزيع الأرباح. لمواجهة ذلك، قامت المصارف المركزية باتخاذ إجراءات تحفيزية تمثلت في تخفيض أسعار فائدة أدوات السياسة النقدية وتخفيض أو تحرير بعض المتطلبات الإحترازية والرقابية في بعض الدول.

ورغم ذلك، حافظ القطاع المصرفي في الدول العربية على تحقيق معدلات عائد موجبة خلال عام 2020، إذ بلغ متوسط العائد نحو 0.81 في المئة مقابل 1.23 في المئة في نهاية عام 2019. في المقابل، تراجع معدل العائد على حقوق الملكية بشكل طفيف ليصل إلى 6.55 في المئة في نهاية عام 2020. ورغم تراجع كل من معدل العائد على الموجودات ومعدل العائد على حقوق الملكية، إلا أن بقاء هذين المعدلين ضمن مستويات موجبة يعكسان الأداء الجيد للبنوك وكفاءتها في توظيف موجوداتها، وفاعليتها في استخدام رأسمالها وقدرتها على مواجهة الخسائر التي من الممكن أن تتعرض لها مستقبلاً. 

وفيما يخص مؤشرات السيولة، تُعد نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول من أهم النسب التي تقيس قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها بالاعتماد على أصول عالية الجودة وقابلة للتسييل بشكل أسرع من الأصول الأخرى، وحافظت هذه النسبة لدى القطاع المصرفي العربي على مستويات جيدة، إذ بلغت نحو 31.4 في المئة في نهاية عام 2020، مقابل 34.5 في المئة في نهاية عام 2019، ورغم ضغوطات أزمة فيروس كورونا المستجد على السيولة لدى البنوك، وتراجع النسبة في عام 2020 مقارنةً بعام 2019، إلا أن النسبة المحققة في عام 2020 كانت أعلى من المعدل المحقق خلال الفترة (2015-2018).

وخلص التقرير إلى أن القطاع المصرفي العربي رغم  التحديات والمخاطر، كان مستقراً وقادراً بشكل عام على تحمل الصدمات، ذلك في ضوء ما حققه القطاع من مستويات جيدة من رأس المال وجودة الأصول والربحية والسيولة، وهو ما يعكس جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية. 

وتناول الفصل الرابع، تطورات القطاع المالي غير المصرفي في الدول العربية والمخاطر المحتملة. وتضمن الفصل تحليلاً لأداء كل من: قطاع شركات التأمين، وقطاع الأسواق المالية العربية، وقطاع مؤسسات التمويل الأصغر، وشركات التمويل الجماعي، وشركات التمويل الأخرى، إضافة إلى قطاع شركات الصرافة. خلص الفصل إلى أن القطاع المالي غير المصرفي في الدول العربية رغم صغر حجمه مقارنةً مع القطاع المصرفي، يتميز بمتانة وإستقرار. أكد التقرير في هذا الصدد، على أهمية تنظيم مؤسسات القطاع وخصوصاً شركات التمويل وتوفير تعريف واضح له وتوفير أكبر قدر ممكن من البيانات والمعلومات عنه، للوقوف على مخاطره وتحدياته بشكل دقيق. كما دعا التقرير إلى متابعة جهود تطوير المؤسسات والأدوات المالية غير المصرفية في الدول العربية، بالنظر لصغر مساهمة القطاع المالي غير المصرفي في تمويل الاقتصادات العربية.

وقدم الفصل الخامس تحليلاً لنتائج إختبارات الضغط لدى القطاع المصرفي العربي، إذ تُعد هذه الإختبارات من الأدوات المهمة لقياس قدرة النظام المصرفي العربي لأي دولة على تحمل الصدمات، واكتشاف الاختلالات ونقاط الضعف، ويمكن استخدام نتائج اختبارات الضغط في عملية التخطيط الرأسمالي عبر عملية التقييم الداخلي لكفاية رأس المال. إضافة إلى الاختبارات المنفذة بموجب تعليمات المصارف المركزية.

وقام فريق عمل الاستقرار المالي بإجراء اختبارات حساسية جزئية وكلية (على مستوى الدولة)، على عينة من البنوك تمثل نحو 80 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي، إذ تم في هذا الصدد صياغة فرضيات متدرجة الشدة في ضوء المستجدات الاقتصادية المرتبطة بفيروس كورونا، التي قد ينتج عنها زيادة مخاطر الإئتمان السيادية وكذلك مخاطر التركز الائتماني، ومخاطر سعر الصرف وأسعار العائد، والسيولة. بيّن الفصل في ضوء نتائج هذه الاختبارات، أن القطاع المصرفي العربي متين، إذ حقق نتائج إيجابية في معظم أنواع الاختبارات لدى معظم الدول العربية. 

فيما يخص الفصل السادس، فتناول تداعيات فيروس كورونا على مقومات الاستقرار المالي ودور السياسة الاحترازية الكلية في الحد من أثر جائحة فيروس كورونا المستجد، إذ اتخذت العديد من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إجراءات تحفيزية ووقائية للحفاظ من جهة، على متانة القطاع المالي واستمراريته وفقاً لقواعد العمل المالي والمصرفي السليم، ومن جهة أخرى، الحفاظ على استدامة قطاع الأعمال خاصة المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والقطاعات الإنتاجية وحماية الأفراد من التعثر.

وأشار التقرير أن المصارف المركزية ضخت السيولة في القطاع المصرفي عبر تخفيض أسعار أدوات السياسة النقدية والاحتياطي النقدي الإلزامي، إضافةً إلى تعزيز منظومة ضمان القروض دعماً للقطاعات الإنتاجية، الأمر الذي ساعد القطاع المصرفي على تأجيل قروض الأفراد والشركات.

وفيما يخص أدوات السياسة الإحترازية الكلية، فسعت المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إلى تحرير أو تخفيف بعض منها، إضافةً إلى إجراءات أخرى تمثلت في وضع قيود على توزيع الأرباح السنوية والمكافآت. وتزامن ذلك مع إجراءات على صعيد السياسة المالية لدعم الإقتصاد الحقيقي.

كما أكد الفصل على أهمية التنسيق بين السياسات الاقتصادية والسياسة الاحترازية الكلية في مرحلة التعافي الاقتصادي، والانتباه إلى ملائمة توقيت تخفيف أو سحب إجراءات الدعم، مفتاح نجاح الإجراءات المتخذة لدعم النشاط الاقتصادي. إذ إن سحب حزم الدعم بشكل مبكر، قد يؤدي إلى تراجع حجم الاإئتمان المطلوب لدعم قطاعي الشركات والأسر، في حين أن التأخر في سحبها قد يزيد من المخاطر النظامية في القطاع المالي.

من جانب آخر، وفي حال تم تحرير أو تخفيف هوامش رأس المال و/أو السيولة في الأزمات الاقتصادية، فمن المفيد البناء المتدرج لهوامش رأس المال والسيولة التي تم تخفيفها خلال مرحلة ما بعد الأزمة. 

أما الفصل السابع، فاستعرض جهود الدول العربية في تعزيز الشمول المالي الرقمي مع التطرق إلى تعزيز الأمن الإلكتروني والحد من التهديدات الإلكترونية وآثارها على الاستقرار المالي، إذ خطت الدول العربية خطوات هامة فيما يخص تعزيز الشمول المالي الرقمي، ودأبت عدد من هذه الدول على إطلاق إستراتيجيات وطنية لتعزيز الشمول المالي بشكل مدروس وحصيف وتوفير البنية التحتية اللازمة له، بما يدعم النمو الشامل والمستدام. ارتكزت الإستراتيجيات والخطط على عدة محاور من أبرزها: تطوير برامج وإستراتيجيات وطنية للشمول المالي، والاستفادة من التقنيات المالية الحديثة، وتعزيز حماية مستهلكي الخدمات المالية، والاهتمام بقضايا التثقيف والتوعية المالية، والاهتمام بوصول المرأة والشباب للخدمات المالية الرسمية، والاهتمام بدعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ووصولها للخدمات المالية.

وفي السياق نفسه، أدى التطور المتسارع في التهديدات الإلكترونية إلى قيام العديد من المصارف المركزية والسلطات الرقابية بأخذ خطوات تنظيمية وإشرافية، تهدف إلى تجنب أثر المخاطر الإلكترونية على القطاع المصرفي والمالي وتحفيز المؤسسات المالية لتعزيز قدراتها لمواجهة تلك المخاطر.

كما عززت المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إجراءات حماية أمن المعلومات للقطاع المصرفي في ضوء التقدم التقني المتسارع والسعي المتواصل للاستفادة من مزايا التقنيات الحديثة في القطاع المصرفي والمالي. لذا تقوم العديد من المصارف المركزية بوضع إطار للتعامل مع المخاطر الإلكترونية. 

وتجدر الإشارة إلى أن غالبية المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية أصدرت التشريعات التنظيمية والإشرافية المتعلقة بإدارة مخاطر التهديدات الإلكترونية كجزء من مراقبة المؤسسات المصرفية المالية المرخصة، ما يدل على مدى أهمية التشريعات في تعزيز قدرة الأجهزة المصرفية على تحمل هذه المخاطر والتحوط منها، عبر اتخاذ خطوات تهدف إلى تجنب أثر المخاطر السيبرانية على القطاع المصرفي والمالي.

كما بيّن الفصل أن هناك اهتماماً متزايداً من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية بتشجيع إنشاء شركات التقنيات المالية، والعمل في الوقت نفسه على تطوير إجراءات وضوابط الرقابة للحد من المخاطر التي قد تنشأ عن ذلك. كذلك، تطرق الفصل إلى مؤشر إقليمي للتقنيات الماليّة الحديثة لقياس تطور صناعة التقنيات الماليّة في الدول العربيّة، الذي يهدف إلى الوقوف على جهود الدول العربيّة في دعم تطور صناعة التقنيات الماليّة الحديثة. كما يساهم في وضع رؤية لصناعة التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية وكيفية دعم البيئة الحاضنة لها، عبر إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه تطوير صناعة التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية، بما يُساعد على رسم السياسات الوطنية لتعزيز الصناعة في الدول العربية مُستقبلاً، والاستفادة من الفرص والممُكنات المتاحة للدول العربية.

وتطرق الفصل الثامن إلى مؤشر الاستقرار المالي العربي الذي تم إطلاقه في عام 2020 وفق منهجية تم إعدادها من قبل صندوق النقد العربي بالتعاون مع فريق عمل الإستقرار المالي.

ويأتي إطلاق المؤشر السنوي في ضوء أهمية وجود مؤشر كمي يقيس مستوى الاستقرار المالي بموضوعية ويعمل كأداة للتوجيه والإنذار المبكر، إذ ينبّه متخذي القرار وواضعي السياسات بإحتمال تعرض النظام المالي لأزمة مالية قبل وقوعها، لاتخاذ ما يلزم من سياسات وإجراءات وقائية واستباقية.

وفي هذا الإطار، كنتيجة طبيعية لتداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد وأثرها على إقتصادات الدول العربية، تراجعت قيمة مؤشر الاستقرار المالي في الدول العربية في نهاية عام 2020 لتبلغ 0.487 نقطة مقابل 0.564 نقطة في نهاية عام 2019، علماً أن قيمة المؤشر بلغت 0.321 نقطة، و0.406 نقطة، و0.527 نقطة، و0.547 نقطة في نهاية الأعوام 2015 و2016 و2017 و2018 على التوالي.

ولا شك أن تداعيات جائحة كورونا غير المسبوقة وانعكاساتها السلبية على إقتصادات الدول العربية، إضافةً إلى الظروف والتحديات التي تواجهها بعض الدول العربية، تسببت في انخفاض المؤشر نحو 0.077 نقطة في عام 2020 مقارنةً بعام 2019، علماً أن قيمة المؤشر في عام 2020 حققت مستوى أعلى من المتوسط المسجل خلال الفترة (2015-2020)، الذي بلغ نحو 0.475 نقطة.

وفيما يخص مؤشر القطاع المصرفي (المكون الأكبر لمؤشر الاستقرار المالي في الدول العربية)، فسجل انخفاضاً في عام 2020، إذ بلغ 0.214 نقطة مقابل 0.294 نقطة في نهاية عام 2019، ذلك بفعل تراجع مؤشرات الربحية وحدوث ارتفاع في معدل التسهيلات المتعثرة، نتيجةً لتأثر التدفقات النقدية لقطاعي الأفراد والشركات بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد. 

وفي المقابل، حققت مؤشرات كفاية رأس المال والسيولة تحسناً في عام 2020 مقارنةً بعام 2019، الأمر الذي يُشير إلى مرونة ومتانة وقدرة القطاع المصرفي على إستيعاب الصدمات، إذ من المعلوم أن أدوات رأس المال والسيولة أداتين هامتين تعززان من قدرة البنوك على تحمل الصدمات المالية والإقتصادية والمخاطر المرتفعة التي من الممكن أن تتعرض لها. 

ويذكر في هذا الصدد، أن أهم التعديلات ضمن معيار بازل Ⅲ تتمثل في تعزيز وتحسين نوعية وكمية رؤوس الأموال لدى البنوك عبر احتفاظ البنوك برؤوس أموال ذات جودة ونوعية عالية وتمتاز بقدرة مرتفعة على مواجهة المخاطر واستيعاب الخسائر، إضافةً إلى وضع متطلبات كمية للسيولة تعزز من قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها في الأجلين القصير والمتوسط باستخدام أصول سائلة عالية الجودة عبر تطبيق معيار نسبة تغطية السيولة ومعيار صافي التمويل المستقر. بشكل عام.

ورغم حجم أزمة فيروس كورونا المستجد غير المسبوقة والتحديات والمخاطر المحيطة بالمنطقة العربية، بيّنت نتائج تحليل التراجع الطفيف في مؤشر القطاع المصرفي، وجود توجه عام في الدول العربية نحو تبني سياسات إحترازية متحفظة أسهمت في تعزيز الاستقرار المالي. كما عكست نتائج المؤشر متانة ومرونة القطاع المصرفي في الدول العربية وقدرته على استيعاب الصدمات المالية والإقتصادية.  

أما على المستوى الإفرادي للدول العربية، فبيّن الفصل وجود إهتمام متزايد لدى الدول العربية لتطوير مقياس كمي يعبر عن حالة النظام المالي وسلامته، كمؤشر الاستقرار المالي، بما يسهل من عملية المقارنة بين الدول وتحليل حالة الاستقرار المالي عبر الزمن، علماً أنه من الممكن أن تختلف المنهجيات من دولة إلى أخرى حسب طبيعة النظام المالي والبيئة الاقتصادية لتلك الدول. ورغم تراجعه، إذ بينت نتائج التحليل أن القطاع المالي بشكل عام في الدول العربية سليم ومتين ومستقر بدرجة كبيرة.

من جانب آخر، تبرز أهمية قيام المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية التي لم تقم بعد بتطوير منهجية احتساب لمؤشر الاستقرار المالي في دولها، بأن تحذو حذو المصارف المركزية الأخرى، إذذ إن مؤشر الإستقرار المالي يعبر عن واقع الاستقرار المالي في أي دولة بشكل يربط بين المخاطر المالية والاقتصادية.

أخيرًا، تناول الفصل التاسع والأخير تداعيات تغير المناخ والكوارث الطبيعية على الاستقرار المالي، إذ بيّن الفصل أهمية تبني الحكومات بشكل عام والمصارف المركزية بشكل خاص، استراتيجيات وطنية وخطط للحد من مخاطر تغير المناخ والكوارث الطبيعية، إذ إن الخسائر المرتبطة بالأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية والتغير بالمناخ تضاعفت أربع مرات منذ الثمانينيات.

ودأبت العديد من الدول العربية على وضع خطة استراتيجية لعملية التحول التدريجي للمنتجات الصديقة للبيئة بالتنسيق والتعاون بين المصرف المركزي والقطاع المصرفي والجهات الرسمية المعنية بموضوع التغيرات المناخية والبيئية، ذلك للحد من مخاطر التحول.

كما تبنّت المصارف المركزية برامج دعم للمشروعات صديقة البيئة، عبر التمويل بأسعار فائدة وآجال مناسبة، وتعزيز التمويل المستدام والمسؤول، وتقديم الحوافز للبنوك التجارية وأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة بشكل مدروس، إضافةً إلى التنسيق والتعاون بين المصرف المركزي ووزارة المالية والجهات الأخرى ذات العلاقة لتعزيز دور السياسة المالية في دعم التحول البيئي نحو المشاريع منخفضة "غاز الكربون".

كما ركزت جهود الدول العربية على تعظيم الاستفادة من التقنيات المالية الحديثة، إذ إن تنفيذ العمليات المالية الرقمية في أثناء الكوارث الطبيعية يساهم في الحد من انقطاع الأعمال. 

وبمناسبة إصدار تقرير الاستقرار المالي في الدول العربية لعام 2021، أعرب الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي عن سروره بإنجاز الإصدار الرابع من تقرير الاستقرار المالي العربي، الذي يتضمن مواضيع وقضايا تهم السلطات الإشرافية العربية لتعزيز الاستقرار المالي والحد من تراكم المخاطر النظامية في القطاع المالي بشكل عام والمصرفي بشكل خاص، بما يعزز من دور القطاع المالي في تحقيق التنمية المستدامة.

ونوّه بأن إصدار هذا التقرير جاء بالتعاون مع فريق عمل الاستقرار المالي في الدول العربية المنبثق عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، مؤكداً أهمية استمرار تواصل الجهود لتطوير الإصدارات المقبلة للتقرير ليُواكب المستجدات والتطورات المتعلقة بقضايا الاستقرار المالي، ويقدم صورة واضحة عن وضعية الاستقرار المالي في الدول العربية، والمحددات والتحديات التي تواجهها في سياق جهود السلطات الإشرافية لتحقيق الاستقرار المالي، ليساهم في دعم اتخاذ القرارات الاحترازية التي تسهم في سلامة ومنعة القطاع المالي والمصرفي العربي.