تحليلات ومقالات

خبراء يجيبون.. هل ينتصر البنك المركزي على معدلات التضخم ؟

ايكونومي 24

إيمان سعيد :  التضخم فاق كل التوقعات هذه الفترة ليصل إلى أعلى  معدل منذ عقود

هاني حافظ استقرار:  الأسعار والحد من التضخم أحد الأهداف الأساسية للبنك المركزي

 

أكد خبراء ومصرفيون أن البنوك المركزية عمومًا تسعى إلى تنفيذ سياسات نقدية مناسبة وتطبيق آليات مثل رفع أو خفض أسعار الفائدة للحد من التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار في الاقتصاد.


وأضافوا أن معدلات التضخم فى مصر فاقت كل التوقعات هذه الفترة لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عقود،  وكان ارتفاع معدل التضخم فى مصر لعدة أسباب، الأول هو زيادة الطلب الذي يدفع الأسعار إلى الصعود، والثاني هو قلة الإنتاج أو نقص المعروض، ويحاول البنك المركزى المصرى السيطرة على هذا الارتفاع.

الدكتورة إيمان سعيد 


في البداية قالت الدكتورة إيمان سعيد، الخبيرة الاقتصادية واستاذ اقتصاديات التجارة الخارجية، إن معدلات التضخم فى مصر فاقت كل التوقعات هذه الفترة لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عقود وكان ارتفاع معدل التضخم فى مصر لعدة أسباب، الأول هو زيادة الطلب الذي يدفع الأسعار إلى الصعود، والثاني هو قلة الإنتاج أو نقص المعروض، ويحاول البنك المركزى المصرى السيطرة على هذا الارتفاع الذي يزيد تكلفة المعيشة بشكل كبيرعن طريق مواصلة تشديد السياسات النقدية ورفع الفائدة للمساهمة في الحد من الطلب، لكن من المهم أيضا أن يجري العمل على جانب العرض، بزيادة الإنتاج، وتوفير السلع والخدمات بوفرة للمساهمة في الحد من التضخم.
وأضافت أنه بالنسبة لمعدل التضخم المرتفع الناتج عن نقص المعروض، من الصعب للغاية السيطرة عليه، حتى لو انخرط البنك المركزى في سياسات تشديدية ورفع أسعار الفائدة، فأحدث ذلك أثرا سلبيًا على النمو الاقتصادي وزاد من معدلات البطالة مع إمكانية الدخول في ركود اقتصادي يؤثرعلى المستهلك ويضعف الطلب. 
ونوهت الخبيرة الاقتصادية إلى أنه إذا لم يكن التشديد النقدي مدعوما بحزمة من الادوات والسياسات المناسبة والمتزامنة، ستنشأ حلقة مفرغة من ارتفاع أسعار الفائدة الاسمية وارتفاع التضخم والركود الاقتصادي  وزيادة الديون ومن شأن التشديد النقدي في الواقع أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم وإلى حدوث ركود تضخمي.
وأوضحت أنه لما اتجه البنك المركزي المصري لزيادة سعر الفائدة في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية فى فبراير2024 أملا فى انخفاض معدلات التضخم أصبحت زيادة أسعار الفائدة اداة نقدية غير مناسبة للسيطرة على التضخم في مصر خلال هذه الفترة، في ظل تأثره بأزمة نقص النقد الأجنبي. حيث أن أسباب ارتفاع معدل التضخم في مصر مرتبط بأزمة نقص النقد الأجنبي، والتي أثرت على تراكم البضائع في الموانئ، وزيادة تكلفة استيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الخام، ومع استمرار نقص الدولار، فإن زيادة سعر الفائدة في مصر لن يكون مجديًا للسيطرة على معدل التضخم.
وتساءلت الخبيرة الاقتصادية: " هل تنجح السياسة النقدية من قبل البنك المركزى وحدها في كبح التضخم، أم أن هناك أدوات أخرى لابد أن تساهم في معركة السيطرة على ارتفاع الأسعار؟ "  وهنا لابد أن يلعب البنك المركزى دورًا حاسمًا في هذا الشأن من خلال أستخدام توليفة مناسبة ومتزامنة من الأدوات والسياسات لتحقيق أهدافه، بما في ذلك السياسة النقدية واستهداف التضخم وعمليات السوق المفتوحة وسياسة سعر الصرف والسياسة المالية، فمن الممكن أن يستخدم البنك المركزى السياسة النقدية للسيطرة على التضخم من خلال تنظيم عرض النقود ورفع أسعار الفائدة لخفض الإنفاق، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار. بالإضافة إلى اعتماد سياسة إستهداف التضخم من قبل البنك المركزى ويتضمن تحديد هدف التضخم المحدد، وعادة ما يكون حوالي 2 ٪، وتعديل السياسة النقدية لتحقيق هذا الهدف حيث يعتبر تحقيق المعدل المستهدف للتضخم شرطًا للنمو الاقتصادي السليم فى مصر، حيث يساعد ذلك البنك المركزي في الحفاظ على استقرار الأسعار وتوجيه توقعات التضخم. لكن على الجانب الآخر، يكمن الخطر في أن العودة إلى معدل التضخم المستهدف قد يتطلب من البنك المركزى زيادة تكاليف الاقتراض إلى درجة يعرضون فيها صحة النظام المالي للخطر.
وأشارت إلى أنه أيضا يمكن أن يستخدم البنك المركزى عمليات السوق المفتوحة للتأثير على عرض النقود من خلال بيع السندات الحكومية لتقليل عرض النقود مما قد يؤدي إلى انخفاض الإنفاق والتضخم. بالإضافة الى تاثير السياسة المالية، التي تتضمن الإنفاق الحكومي والضرائب، على التضخم. يمكن للبنك المركزى العمل مع الحكومة لتنسيق السياسات المالية والنقدية لتحقيق أهداف التضخم وذلك من خلال تقليل الإنفاق أو زيادة الضرائب لخفض الطلب وخفض الأسعار.
واكدت أنه يجب تطبيق السياسات التشديدية في اقتصاد متعافي وليس في اقتصاد يتباطأ بعض الشيء، ولا بد من اتباع سياسة تشديدية بوتيرة سريعة والتحكم في الطلب دون دخول الاقتصاد في حالة ركود وتباطؤ في النمو،وهذا ليس السيناريو الحالي، لا سيما وأن مخاطر ارتفاع الأسعار لا تزال قائمة بشكل كبير، بما في ذلك المخاطر المرتبطة بالعوامل الجيوسياسية والمناوشات الحالية على سبيل المثال في البحر الأحمر، علاوة على الحرب في غزة والحرب في أوكرانيا، واحتمالات ارتفاع أسعار النفط، وغيرها من العوامل التي تدفع إلى ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم.

الخبير المصرفي الدكتور هاني حافظ 


وفي سياق متصل قال الخبير المصرفي الدكتور هاني حافظ، إن البنك المركزي يعمل عادة على مراقبة ومكافحة التضخم إلا أن هناك عوامل أخرى تؤثر على معدلات التضخم مثل العرض والطلب على السلع والخدمات والضغوط الاقتصادية العامة، حيث تتأثر أسعار السلع والخدمات بعوامل عديدة بما في ذلك العرض والطلب، والتغيرات الهيكلية، والعوامل الجيوسياسية، لذلك يتأثر التضخم بعوامل غير متحكم فيها بواسطة البنك المركزي.، خاصة مع  استمرار حالة من عدم اليقين حول توقعات التضخم، خاصة بما يتعلق بأسعار السلع العالمية وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حاليًا وكذا اضطراب سلاسل التوريد في البحر الأحمر.
وأشار إلى أن البنوك المركزية عمومًا تسعى إلى تنفيذ سياسات نقدية مناسبة وتطبيق آليات مثل رفع أو خفض أسعار الفائدة للحد من التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار في الاقتصاد.
وأضاف أن تحقيق استقرار الأسعار يعد أحد الأهداف الأساسية للبنك المركزي المصري حسب اختصاصاته في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة، وفقًا لقانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020. لتحقيق ذلك الهدف، ومن ثم يقوم  المركزي حاليًا بتحويل إطار سياسته النقدية إلى نظام مرن لاستهداف التضخم حيث تعمل توقعات التضخم كهدف وسيط.، ويُقاس التضخم على أنه معدل الارتفاع العام في الرقم القياسي لأسعار المستهلكين (CPI) الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS) والذي يجمع أسعار السلع والخدمات ويعالجها من خلال تخصيص أوزان لكل سلعة ومجموعة.