ليلى العبد تكتب.. الحوار المجتمعي لقطاع الطاقة.. حينما يُخطئ البعض ترتيب المقاعد

في كل مرة يُعقد فيها حوار مجتمعي بين مسؤول وقيادات الرأي العام، تتجه الأنظار إلى المضمون والنتائج. لكن الحقيقة أن اختيار من تتم دعوتهم إلى طاولة الحوار هو أول رسالة ترسلها الجهة المنظمة للرأي العام، وهو ما يحدد – إلى حد كبير – مدى جدية اللقاء وقدرته على إنتاج نتائج حقيقية.
لقاء وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي بعدد من الإعلاميين والخبراء والأكاديميين، يُحسب له من حيث الفكرة والتوقيت، في ظل التحديات الراهنة التي يواجهها قطاع الطاقة في مصر. الهدف من هذه اللقاءات واضح ومشروع: توضيح الحقائق، عرض ما تم تحقيقه، ومصارحة الرأي العام بالتحديات، والأهم الاستماع لصوت المواطن وأفكار المتخصصين.
لكن دعونا نُفرّق أولًا.
الإعلامي الذي يُدعى إلى مثل هذه اللقاءات، لا بد أن تتوافر فيه عدة شروط بديهية: أن يكون فاعلًا في المشهد، حاضرًا على الشاشة أو في الرأي العام، يمتلك مصداقية عند الجمهور، والأهم أن يكون لديه قدر معقول من الإلمام بملفات القطاع، حتى يستطيع أن ينقل الصورة بموضوعية وفهم، ويكون جسرًا حقيقيًا بين صانع القرار والمواطن.
أما دعوة إعلاميين غائبين عن الساحة، ليس لهم تأثير أو تفاعل جماهيري، ولم يُعرف عنهم اهتمامهم بالشأن البترولي أو الطاقي من قبل، فهو ببساطة قرار غير موفق. وربما يصل إلى درجة الخطأ الفادح، لأنه يُفرغ اللقاء من مضمونه الإعلامي الحقيقي، ويجعله أقرب إلى مشهد اجتماعي منه إلى جلسة حوار جاد.
في المقابل، فإن حضور الأكاديميين والخبراء هو بيت القصيد. هؤلاء هم العقول التي يُعوّل عليها في طرح حلول واقعية، أفكار مبتكرة، ونقاشات تفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والإنتاج. وجودهم ليس شكليًا، بل ضروري لإحداث عصف ذهني حقيقي يمكن أن يخرج بنتائج تُطبق على أرض الواقع.
لكن للأسف، ما حدث أن المزج غير المتكافئ بين الحضور، وغياب التوازن بين من يملكون أدوات التأثير الجماهيري، ومن يملكون أدوات التأثير المهني، جعل من اللقاء فرصة ناقصة. الفرصة كانت متاحة لتقديم شيء مفيد، لكنها لم تُستثمر بالكامل بسبب خلل واضح في اختيار المدعوين.
ساعدوا وزير البترول.. فهو يستحق
المهندس كريم بدوي أظهر خلال اللقاء رغبة حقيقية في التواصل، والانفتاح على المجتمع، والاستماع بجدية. وهو ما يعكس نية صادقة لإحداث تغيير فعلي في قطاع بالغ الحساسية والتأثير.
لكنه لا يستطيع النجاح وحده.
دعم الوزير لا يكون بالمجاملات، بل بإحاطته بمن يفيد، لا من يستهلك وقته. المطلوب هو تهيئة بيئة حوار حقيقية حوله، فيها المتمكن والمهني والمؤثر، لا مجرد الأسماء.
لذا، إن كنا نريد بالفعل تطوير قطاع الطاقة والبترول في مصر، فالبداية تبدأ من ترتيب المقاعد.
ساعدوا وزير البترول.. فهو يستحق.