ليلى العبد تكتب.. متحدث إعلامي بلا دور.. وملاحظات على أداء المتحدث الإعلامي لوزارة البترول

رغم الدور الحيوي الذي يفترض أن يؤديه المتحدث الإعلامي لأي جهة حكومية، لا يزال التفاعل الإعلامي من جانب المتحدث باسم وزارة البترول، معتز عاطف، يثير العديد من علامات الاستفهام لدى العاملين في الوسط الصحفي، خاصة في ظل غياب التواصل الفعّال، والانتقائية الواضحة في التعامل مع وسائل الإعلام.
فعلى الرغم من أن المتحدث الإعلامي يشغل عددًا من المناصب البارزة داخل الوزارة، من بينها وكيل أول وزارة البترول لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، ووكيل الوزارة لشؤون مكتب الوزير، ووكيل الوزارة للمكتب الفني – الذي يعد بمثابة "مخ الوزارة" نظرًا لاختصاصه بالتفكير في المشروعات والخطط المستقبلية – إلا أن حضوره الإعلامي يكاد يكون منعدمًا.
كما يشغل المتحدث الإعلامي أيضًا منصب ممثل مصر في رابطة منتجي النفط الأفريقية (APPO)، وممثل مصر في منظمة أوابك، بالإضافة إلى كونه نائبًا عن الوزير في عدد من المنتديات الإقليمية والدولية. ومع ذلك، فإن أداءه في ملف الإعلام لا يعكس حجم هذه المسؤوليات.
ففي الوقت الذي يرفض فيه الرد على أغلب اتصالات الصحفيين، يلاحظ تجاوبه مع برامج وقنوات بعينها دون غيرها، بما يُضعف من مبدأ تكافؤ الفرص في الوصول إلى المعلومة، ويفتح الباب أمام تمييز غير مبرر بين وسائل الإعلام.
وتؤكد مصادر متعددة في القطاع أن المتحدث الإعلامي يمنع رؤساء الشركات من التصريح لوسائل الإعلام دون الحصول على موافقته المسبقة، ما يخلق حالة من الجمود والتعتيم، ويجعل الوصول إلى المعلومة مشروطًا بعوامل لا علاقة لها بالمهنية. حتى في الحالات التي يتم فيها طلب التواصل الرسمي معه، فإن الرد غالبًا ما يكون غائبًا، خاصة في القضايا التي تشهد زخمًا أو تحتاج إلى توضيح عاجل للرأي العام.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، غياب أي تصريحات أو توضيحات بشأن واقعة غرق بارج "جبل الزيت"، حيث لم يصدر عن المتحدث الإعلامي أي بيان أو إيضاح يشرح ملابسات الحادث أو الخطوات التي اتخذتها الوزارة لمعالجته.
الأمر لا يتوقف عند الحوادث، بل يشمل أيضًا غياب أي معلومات أو تواصل بخصوص المبادرات القومية، مثل "حياة كريمة"، رغم ما تتيحه هذه المبادرات من فرص للعرض الإعلامي والتواصل مع المواطنين.
في المقابل، يبذل المكتب الإعلامي للوزارة جهدًا في إرسال بيانات عامة، لكنه غير مخوّل بالتصريح أو تقديم إجابات عن أسئلة الصحفيين المتخصصة، مما يضع الصحافة في مأزق أمام جمهورها.
ورغم وعود المتحدث الإعلامي المتكررة بتنظيم لقاءات مفتوحة مع الوزير أو مؤتمرات صحفية دورية للرد على تساؤلات الصحفيين، فإن هذه الوعود لم تُترجم إلى خطوات عملية، باستثناء عدد محدود من الفعاليات تم تنظيمها على فترات متباعدة، دون أن ترقى إلى مستوى الحوار المؤسسي الدائم.
في ظل تكرار الأزمات، مثل ما أثير مؤخرًا من قضايا تخص دعم أسطوانات البوتاجاز، ومخالفات السلامة المهنية، وتجاوزات في ملف الترقيات داخل بعض الشركات، كان من الطبيعي أن يلعب المتحدث الإعلامي دورًا تواصليًا مسؤولًا، لكنه للأسف ظل غائبًا عن المشهد.
إن العلاقة بين المؤسسات الحكومية ووسائل الإعلام لا يجب أن تكون مشروطة، بل قائمة على الشفافية والتعاون، خاصة في القطاعات الحيوية التي ترتبط بمصالح المواطنين بشكل مباشر، وعلى رأسها قطاع الطاقة.
إن سياسة المتحدث الإعلامي في التعامل مع الصحفيين وإدارته القاصرة لملف الإعلام تتعارض تمامًا مع توجيهات القيادة السياسية، التي أكدت مرارًا على ضرورة التواصل المفتوح والشفاف لعرض الإنجازات التي تتحقق في إطار الجمهورية الجديدة، لا سيما في قطاع خدمي بالغ الأهمية مثل البترول.
فالرئيس عبد الفتاح السيسي شدّد في أكثر من مناسبة على أهمية الإعلام التوضيحي في المشروعات القومية، وهو ما يجعلنا نتساءل: لماذا لا يطبق المتحدث الإعلامي هذه التوجهات؟ ولماذا تتحول الوزارة، تحت إشرافه، إلى "غرفة مغلقة" لا تتسع لصوت المواطن أو الصحفي، رغم ما يتم إنجازه فعليًا من مشروعات كبرى كتوصيل الغاز للمنازل، وتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، وتوسيع الشبكة القومية للوقود؟