بنوك 24

تراجع الأصول بالولايات المتحدة على نطاق واسع

تراجع الأصول بالولايات
تراجع الأصول بالولايات المتحدة الأمريكية

ترقبت الأسواق عن كثب بيانات التضخم التي تم إصدارها يوم الخميس الماضي، للحصول على مزيدٍ من الدلائل حول وتيرة تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية. وقام المستثمرون بإعادة توازن محافظهم الاستثمارية قبيل صدور بيانات التضخم، والتي جاءت أعلى مما كان متوقعًا، الأمر الذي تسبب في تراجع الأصول بالولايات المتحدة على نطاق واسع، حيث زادت توقعات الأسواق لوتيرة تشديد الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية. وفي هذه الأثناء، ارتفعت أصول الملاذ الأمن، والنفط بصورة قوية يوم الجمعة نتيجة تزايد حالة القلق حيال تصاعد حدة التوترات بين روسيا وأوكرانيا، حيث وصلت أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2014، وذلك بعد ارتفاعها للأسبوع الثامن على التوالي.


تحركات الأسواق

سوق السندات:

خسرت سندات الخزانة الأمريكية على مستوى جميع فترات الاستحقاق على خلفية ارتفاع التوقعات بتشديد السياسة النقدية، مدفوعة بارتفاع مؤشر أسعار المستهلك. بدأ تراجع سندات الخزانة في مطلع هذا الأسبوع، حيث قام المستثمرون بتعديل أوزان محافظهم الاستثمارية لمواجهة ارتفاع معدل التضخم والمتوقع الإعلان عنه في البيانات الصادرة عن شهر يناير. وعلى الرغم من ذلك، ازداد تراجع سندات الخزانة، خاصة تلك ذات الآجال القصيرة، بعدما جاءت بيانات التضخم أعلى مما كان متوقعًا. وجاءت خسائر سندات الخزانة نتيجة نبرة جيمس بولارد – المسؤول بالاحتياطي الفيدرالي- والتي مالت إلى تشديد السياسة النقدية، مما دعم رفع أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة خلال الاجتماعات الثلاثة المقبلة للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. وفي هذه الأثناء، عوضت السندات جزءًا من خسائرها يوم الجمعة، حيث أدت المخاوف من احتمالية غزو روسيا لأوكرانيا إلى تراجع شهية المستثمرين تجاه المخاطرة، كما أدت إلى تعزيز الطلب على الأصول.

وعلى صعيد عوائد سندات الخزانة، ارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل عامين للأسبوع الثامن على التوالي، مسجلة زيادة بمقدار 19.2 نقطة أساس لتصل إلى 1.505%. وفي يوم الخميس، ارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل عامين بمقدار 21.6 نقطة أساس، وهو أعلى ارتفاع يومي لها منذ عقد، حيث وصلت إلى 1.582%، مسجلة بذلك أعلى مستوى لها منذ يناير 2020. وارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل 5 أعوام إلى 8.6 نقطة أساس، لتنهي بذلك تداولات الأسبوع عند 1.856% بعدما وصلت إلى 1.952% يوم الخميس، وهو أعلى مستوى لها منذ مايو 2019. وعلى صعيد عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل، ارتفعت عوائد سندات الخزانة أجل 10 أعوام، وأجل 30 عامًا بحوالي 3 نقاط أساس، ليصلا إلى 1.941% و2.241% على التوالي. وتجدٌر الإشارة إلى أن عائد السندات أجل 10 أعوام كسر حاجز 2% يوم الخميس، وذلك للمرة الأولى منذ يوليو 2019.

العملات: 

ارتفع مؤشر الدولار بنسبة (+0.625%)، حيث زادت حدة التوترات في أوكرانيا بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أنها تعتقد أن روسيا قد جمعت ما يكفي من القوات لشن غزو في غضون الأسبوع المقبل، كما صعد الدولار على خلفية ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك التي صدرت يوم الخميس، مما زاد من توقعات السوق بحدوث رفع لأسعار الفائدة بشدة في وقت أبكر مما كان متوقعًا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العوائد المرتفعة التي نجمت عن موجات البيع المكثفة لسندات الخزانة في بداية الأسبوع دعمت من موقف الدولار. وانخفض اليورو بنسبة (-0.865%) بعد أن عملت تصريحات كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، على تهدئة توقعات الأسواق بحدوث رفع لأسعار الفائدة بشكل كبير، حيث صرحت إن رفع أسعار الفائدة الآن لن يؤدي إلى خفض معدل التضخم بل سيضر بالاقتصاد.

وحقق الجنيه الإسترليني مكاسب، حيث ارتفع بنسبة (+0.244%)، مدعومًا بقرار الحكومة برفع أسعار الفائدة للمرة الثانية في شهرين. علاوة على ذلك، أظهرت البيانات الاقتصادية ارتفاع معدلات التوظيف بأبطأ وتيرة لها في تسعة أشهر، على الرغم من ارتفاع رواتب الموظفين بشكل قوي.

ومن الجدير بالذكر أن انخفاض معدلات التوظيف، وزيادة الرواتب كانا أحد الأسباب التي دفعت بنك إنجلترا إلى رفع ارتفعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ بنسبة (+2.79%) على مدار الأسبوع، لتسجل بذلك أعلى تغير أسبوعي منذ شهر نوفمبر الماضي، حيث وصل الذهب إلى 1،858.76 دولارًا للأوقية، ليستقر فوق مستواه الرئيسي البالغ 1،800 دولار، وذلك للأسبوع الثاني على التوالي. والجدير بالذكر أن الذهب قد حقق مكاسب في كل جلسة من جلسات تداول هذا الأسبوع، باستثناء يوم الأربعاء، حيث عززت المخاوف بشأن الصراع الروسي الأوكراني الطلب على أصول الملاذ الآمن، وهو الأمر الذي كان واضحًا بشكل خاص يوم الجمعة، حيث أدى تحذير من مسؤولي الأمن بالولايات المتحدة إلى ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 1.75%.

كان الطلب على الذهب مدعومًا على مدار الأسبوع بمخاوف السوق بشأن التضخم في الولايات المتحدة، والذي جاء أعلى مما كان متوقعًا، حيث كان المستثمرون يبحثون عن وسيلة للتحوط من التضخم. ويبدو أن التوترات الجيوسياسية، والتضخم المرتفع فاقا مخاطر امتلاك أصول لا تدر فائدة وهو وما كان واضحا في تداولات أغلب أيام الأسبوع.

عملات الأسواق الناشئة

وعلى مستوى الأسواق الناشئة، حقق مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة مكاسب، حيث ارتفع بنسبة 0.23%، وذلك للأسبوع الثاني على التوالي. ومع ذلك، وبشكل تفصيلي أكثر، تباين أداء عملات الأسواق الناشئة، إلا أن معظم العملات التي يتتبعها مؤشر بلومبرج تراجعت خلال تداولات هذا الأسبوع. وكانت الكرونة التشيكية العملة الأسوأ أداءً خلال الأسبوع، حيث انخفضت بنسبة (-1.84%) بعد أن سجلت أكبر مكسب أسبوعي لها منذ 2020 خلال تداولات الأسبوع السابق. وانخفضت قيمة العملة بعد صدور محضر اجتماع البنك المركزي التشيكي، والذي أشار إلى أن مخاطر ارتفاع التضخم، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع قيمة العملة بشكل أبطأ، خاصة في ظل تشديد البنوك المركزية الأخرى على مستوى العالم لسياساتهم النقدية. علاوة على ذلك، أدت مبيعات التجزئة الضعيفة، وارتفاع نسبة البطالة في التقرير الصادر يوم الخميس إلى التأثير بالسلب على العملة. وسجل الروبل الروسي ثاني أسوأ أداءً هذا الأسبوع، حيث تراجع بنسبة (-1.73%)، وذلك للأسبوع السادس على التوالي خلال عام 2022، وسط قلق المستثمرين حيال التوترات الجيوسياسية بين روسيا والغرب.

كما انخفض الروبل الروسي بنسبة 2.80% خلال جلسة التداول يوم الجمعة بعد أن صرحت الولايات المتحدة بأنها تعتقد أن روسيا قد تشن غزوًا على أوكرانيا في وقت مبكر من الأسبوع المقبل. وفي هذه الأثناء، كان البيزو التشيلي الأفضل أداءً هذا الأسبوع، حيث ارتفع بنسبة (+2.36%). وجاءت مكاسب العملة على خلفية توقعات بعض المتداولين منتصف الأسبوع بأنه من المحتمل أن يعقد البنك المركزي التشيلي اجتماع طارئ لرفع أسعار الفائدة، ومواجهة ارتفاع معدل التضخم. علاوة على ذلك، دعم ارتفاع أسعار النحاس العملة. وكان السول البيروفي ثاني أفضل العملات أداءً هذا الأسبوع، حيث ارتفع بنسبة (+1.84%) وسط توقعات الأسواق برفع البنك المركزي البيروفي لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الأمر الذي تحقق لاحقًا يوم الخميس.

كما قفزت العملة يوم الخميس، وذلك على خلفية تزايد الآمال بشأن استقرار الاقتصاد في الدولة بعدما تعهد رئيس الوزراء، أنيبال توريس، باتباع سياسات السوق الحرة.

 أسواق الأسهم:

تراجعت الأسهم الأمريكية، حيث سجلت المؤشرات الرئيسية خسائر أعلى من  1%. وكانت الخسائر مدفوعة بزيادة معدلات التضخم، وتصاعد التوترات الجيوسياسية. علاوة على ذلك، فقد أدى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك، وتصريحات جيمس بولارد التي تميل إلى تشديد السياسة النقدية إلى عمليات بيع مكثفة على خلفية تزايد التوقعات بقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتشديد السياسة النقدية. بالإضافة إلى ذلك، تسببت التوترات المتزايدة على الحدود الأوكرانية الروسية في مزيد من الخسائر، مع ابتعاد المستثمرين عن الأصول الخطرة.

ومن الجدير بالذكر أن المؤشرات ارتفعت في بداية الأسبوع على خلفية أرباح الشركات الفصلية القوية، وتحسن معنويات المخاطرة، ولكن انعكس هذا الأمر لاحقًا خلال الأسبوع، حيث خسر مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 نحو 1.82% أثناء تعاملات هذا الأسبوع، مما أدى الى محو أغلب مكاسب الأسبوعيين الماضيين. وهبط مؤشر ناسداك المركب للأسهم التكنولوجية الكبرى Nasdaq بنسبة 2.177% أثناء تداولات هذا الأسبوع، ليرفع بذلك حجم خسائره في عام 2022 إلى نحو 12%. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي Dow Jones  بحوالي نسبة 1% بعد أن سجل مكاسب في جلسات التداول التي عقدت خلال الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع.

كما ازداد معدل التقلبات طبقًا لمؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق، حيث ارتفع المؤشر 4.14 نقطة ليصل إلى 27.36 نقطة فوق مستواه المتوسط منذ بداية العام، والذي بلغ 24.17 نقطة. وفي هذه الأثناء، ارتفعت الأسهم الأوروبية خلال تعاملات هذا الأسبوع إذ ارتفع مؤشر Stoxx 600 بنسبة +1.61%، ليسجل أول مكسب أسبوعي له في عام 2022، ليحد بذلك من سلسلة الخسائر التي استمرت خمسة أسابيع.

وجاءت المكاسب على خلفية تصريحات المسئولين بالبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا والتي عملت على تهدئة الأسواق، مما يدعم تشديد السياسة النقدية بوتيرة أكثر تدرجًا.

وبالانتقال إلى الأسواق الناشئة، حققت أسهم الأسواق الناشئة مكاسب، حيث ارتفع مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة EM MSCI بنسبة 1.59% خلال الأسبوع، وذلك بقيادة مؤشر شنغهاي المركب، الذي أنهى تداولات الأسبوع على ارتفاع بنسبة 3.02%، وذلك في أول أسبوع تداول له عقب عطلة السنة القمرية الجديدة. وارتفع المؤشر وسط تحسن معنويات المخاطرة، حيث أشارت التقارير إلى أن مجموعة Evergrande الصينية صرحت بأنها تهدف إلى تسليم 600 ألف شقة هذا العام، وأنهم ليسوا على استعداد لبيع الأصول لسداد ديونهم.

بالإضافة إلى ذلك، في وقت سابق من هذا الأسبوع، حاربت لوريتا ميستر، محافظة البنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، توفعات الأسواق بقوةرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، وخاصة في اجتماع شهر مارس. ومع ذلك، في وقت متأخر من يوم الخميس، تدهورت معنويات المخاطرة وسط استعداد المستثمرين لرفع أسعار الفائدة بشكل أكثر حدة بعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي، وبعد أن ذكر بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، أنه يؤيد رفع أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة.

البترول: 

ارتفعت أسعار النفط للأسبوع الثامن على التوالي، مححقة مكاسب بنسبة 1.25%،  لتصل إلى 94.44 دولار للبرميل يوم الجمعة، مسجلة بذلك أعلى سعر لها منذ 2014. وتراجعت أسعار النفط في مطلع هذا الأسبوع، حيث عزز التقدم الذي تم إحرازه في الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران توقعات زيادة إنتاج النفط على مستوى العالم في المستقبل، ولكن لم تستمر حالة التفاؤل التي خيمت على الإنتاج على مستوى العالم إلا فترة قصيرة، حيث أظهرت البيانات الصادرة عن الولايات المتحدة أن مخزونات النفط قد وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 2018، بينما وصل الطلب على النفط إلى أعلى مستوى له على الإطلاق. وقادت بيانات مؤشر أسعار المستهلك، والتي جاءت أعلى مما كان متوقعًا، المستثمرين الى التفكير في احتمالية رفع الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة بشكل عنيف لمواجهة النقص في سوق النفط.

وأدت التوترات الجيوسياسية، والتي كانت الأسواق تراقبها عن كثب على مدار الأسبوع، إلى ارتفاع النفط إلى أعلى مستوى له في 7 سنوات يوم الجمعة، وسط تزايد احتمالية شن روسيا غزوًا على أوكرانيا حتى قبل نهاية أولمبياد بكين.