بنوك 24

الأسهم الأمريكية تسجل أول خسارة شهرية لها منذ يناير.. والبنوك المركزية تشدد السياسة النقدية

الأسهم الأمريكية
الأسهم الأمريكية

أصدر البنك المركزي المصري، اليوم الأربعاء، تقرير الرصد الشهري لمؤشرات الاقتصاد العالمي وتحليل لأهم الأحداث المؤثرة اقتصاديا خلال شهر سبتمبر الماضي.

وقال التقرير إن العديد من العوامل على تحركات الأسواق خلال سبتمبر الماضي، حيث كان أحد من الأحداث الرئيسية التي شهدها هذا الشهر هو أزمة سوق العقارات في الصين، والتي انعكست بشكل واضح في الصعوبات التي واجهها ثاني أكبر مطور عقاري صيني «إيفرجراند».

وأدت حالة القلق السائدة حيال أزمة ديون إيفرجراند إلى موجات بيع مكثفة للأصول الصينية والأصول الآسيوية، كما أدت إلى عزوف المستثمرين في جميع أنحاء العالم عن المخاطرة.

وفي هذه الأثناء، تسلطت مزيدًا من الأضواء على الحديث حول التضخم المصحوب بتباطؤ في النمو، حيث أشارت البيانات الاقتصادية إلى أن بيانات النمو للربع الثالث من المرجح أن تظهر تباطؤًا كبيرًا في الكثير من بلدان العالم، بينما أظهرت بيانات التضخم في الوقت نفسه استمرار ارتفاع الأسعار وثباتها عند مستويات قياسية.

وشهد الشهر أيضًا اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المنعقد في سبتمبر، وعلى الرغم من إظهار المخطط النقطي لميل قليل باتجاه تشديد السياسة النقدية، إلا أنه لم تسفر نتائج الاجتماع عن أي مفاجآت كبرى للأسواق.

وكما هو متوقع، أكدت كلًا من تعليقات باول والتصريحات التي أدلى بها خلال المؤتمر الصحفي على احتمالية الإعلان عن الخفض التدريجي لمشتريات الاحتياطي الفيدرالي من الأصول في شهر نوفمبر، ولكن باول فاجأ الأسواق إلى حد ما خلال المؤتمر الصحفي عندما صرح بأن الخفض التدريجي قد ينتهي بحلول منتصف عام 2022، مما يعكسوتيرة أسرع من الجدول الزمني الذي كانت تتوقعه الأسواق.

وأظهرت العديد من البنوك المركزية بالأسواق المتقدمة ميلًا نحو تشديد السياسة النقدية، حيث أشار بنك إنجلترا إلى احتمالية رفع معدلات الفائدة، كما أصبح بنك النرويج هو أول بنك من البنوك المركزية الغربية الأساسية يقوم برفع معدلات الفائدة عقب تفشي وباء فيروس كورونا.

علاوة على ذلك قام عدد من البنوك المركزية بالأسواق الناشئة برفع معدلات الفائدة خلال اجتماعات لجان السياسة النقدية الخاصة بهم، وعلى صعيد آخر، شهد هذا الشهر حالة من عدم اليقين حيال الوضع المالي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيثناقش الكونجرس مشروع قانون مؤقت للتمويل لتجنب إغلاق الحكومة الأمريكية، كما ناقشزيادة سقف الديون أو تعليقه لتجنب التخلف عن السداد.

وخلال هذا الشهر، تكبدت الأسهم العالمية خسائر، حيث شهد مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 أول خسارة شهرية له في 2021، بينما ارتفعت عوائد سندات الخزانة حول العالم، ووصل الدولار إلى أعلى مستوى له في عام واحد، وعلى صعيد السلع الأساسية، اتجهت الأنظار نحو أسعار الطاقة، إذ استمرت أسعار النفط الخام في الارتفاع، حيث وصلت إلى أعلى مستوى لها في 3 أعوام، لتساهم بذلك في تسارع معدل التضخم.

أثارت هذه الأزمة المخاوف بشأن قوة سوق العقارات بالصين والتأثير المترتب على معدل نمو الصين بسبب تلك المشكلة، بالإضافة إلى التأثير على النمو العالمي. في غضون ذلك، أشارت البيانات إلى ضعف هذا القطاع.

بدأ الشهر بأزمة شركة إيفرجراند (Evergrand) حيث تهاوى سعر سهم الشركة المثقلة بالديون بعد أن أعلنت أنها لن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها وفشلت في سداد العديد من مدفوعات الفائدة على سنداتها وقروضها خلال شهر سبتمبر، ولاحتواء الأزمة وتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية، قام بنك الشعب الصيني بضخ الأموال في السوق من خلال عمليات إعادة الشراء العكسية (+ 269% من أغسطس بإجمالي صافي مبالغ تم ضخها 590 مليار يوان)   .

وانعكست مخاوف المستثمرين فيما يتعلق بتأثير اتساع رقعة تداعيات أزمة Evergrande والمشاكل المصاحبة لسوق الإسكان في عقود مبادلة مخاطر الائتمان في البلاد مع ارتفاعها، وقد ساهم تراجع معدل نمو الإنتاج الصناعي في تباطؤ حدوث الانتعاش، حيث انخفضت وتيرة نموه بينما ثبت معدل استغلال القدرات للقطاع.

كان أحد الموضوعات الرئيسية الأخرى للشهر هو التباطؤ في الانتعاش الذي شهدته البلدان في معظم أنحاء العالم، وتسببت البيانات الاقتصادية في حالة من القلق للمستثمرين بشأن بيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، ففي الولايات المتحدة، كان كل من قطاعي التصنيع والخدمات في اتجاه هبوطي.

ويظهر تباطؤ النمو بشكل واضح في الاتحاد الأوروبي حيث يتخذ كل من قطاعي التصنيع والخدمات اتجاه هبوطي منذ يونيو، وعلى غرار الولايات المتحدة، شهدت بريطانيا أيضًا نموا بقطاعي التصنيع والخدمات بوتيرة أبطأ، مما تسبب أيضًا في توقع المستثمرين معدل نمو أبطأ في الربع الثالث من عام 2021.

ترجع غالبية التضخم حاليًا إلى الزيادات في أسعار الطاقة، في حين أثبتت معظم العوامل التي كانت تساهم في السابق في ارتفاع التضخم، مثل السيارات والشاحنات المستعملة، أنها عوامل مؤقتة.

على النقيض من التباطؤ في معدلات النمو، هناك ارتفاع مستمر في التضخم في معظم أنحاء العالم، فقد وصلت قراءات التضخم في الولايات المتحدة لشهر سبتمبر على أساس سنوي إلى مستوى قياسي آخر مع ارتفاع التضخم على أساس شهري مرة أخرى.

ومن المثير للاهتمام، أنه يبدو أنه حتى الآن، يعود الارتفاع في أسعار سلع الطاقة غالبًا إلى الآثار السلبية الناتجة عن انخفاض قاعدة أساس المقارنة لعام 2020 وهو ما يتضح من عدم وجود ارتفاعًا مستمرًا ومستدامًا بالتقلبات في البيانات الشهرية حتى الآن، ويظهر هذا الاتجاه أيضًا فيأرقام القياسات السنوية التي تظهر ارتفاع الأسعار بمعدل متباطئ بشكل كبير من أغسطس إلى سبتمبر باستثناء خدمات الطاقة والغذاء والنقل (حيث ساهمت عوامل الطاقة إلى حد كبير).

ومن الجدير بالذكر أنه بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، فإن التضخم حاليًا أعلى من أهداف البنك المركزي، تشهد أوروبا نفس الشيء مع وصول التضخم على أساس سنوي أيضًا إلى مستويات قياسية وقد أظهر التضخم الشهري ارتفاعا بعد تباطؤه في السابق.

هذا هو الحال أيضًا بالنسبة لأسعار البنزين والوقود، فقد كان كلاهما في اتجاه صعودي، حيث بدأت الأسعار تتعافى من أدنى مستوياتها القياسية التي سجلتها في مارس 2020 بسبب الوباء.

وبالنظر بشكل أعمق على أسعار الطاقة، نجد أنه من الواضح أن ارتفاع خام برنت يساهم في زيادة التضخم، ولكن من الجدير بالذكر أيضًا أنه يتعافى من مستوياته المنخفضة القياسية التي سجلها في مارس 2020.

ومن المثير للاهتمام، أن عام 2022 سيشهد ميلًا نحو تشديد السياسة النقدية من قبل الاعضاء المناوبون للجنة، مما يشير إلى احتمالية تسارع وتيرة الخفض لبرنامج الفيدرالي لشراء الأصول، في حين أن 2023 ستكون فيه اتجاهات أكثر توازنًا باللجنة مما بدوره يمكن أن يؤخر ارتفاع أسعار الفائدة الذي أظهره المخطط النقطي.

في هذا السياق، عقدت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة اجتماعها في سبتمبر، وأظهر المخطط النقطي ميلًا تجاه تشديد السياسة النقدية بعض الشيء أكثر من السابق بينما أكد باول في المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع أنه من المرجح الإعلان عن بدء الخفض التدريجي لبرنامج مشتريات الأصول في نوفمبر.

فيما يتعلق ببيان اللجنة، كانت هناك تغييرات طفيفة ولكنها مهمة، وكان الأهم هو التعليق على "الخفض التدريجي لبرنامج شراء الأصول"، حيث يشير إلى أن الإعلان عنه أصبح وشيكًا.

ويقر التعليق الخاص بالبيان بالحجم الحالي للتضخم مع التأكيد مجددًا على أنه ذو طبيعة مؤقتةن وأخيرً، يشير التعليق الخاص بوباء كورونا إلى خطر عودة ارتفاع معدلات الإصابة على القطاعات المرتبطة بالوباء.

علاوة على ذلك، ارتفع مستوى تعادل التضخم للسندات ذات الآجال المتوسطة والطويلة، خاصة بعدما رفع صانعو السياسة الفيدرالية توقعات التضخم لأعوام 2021، و2022،و 2023 خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لشهر سبتمبر.

على مستوى فئات الأصول، أنهت عوائد سندات الخزانة تداولات الشهر على ارتفاع عبر جميع فترات الاستحقاق على خلفية تعليقات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي،الخاصة بخفض برنامج لشراء الأصول، الى جانب حالة عدم اليقين المحيطة بالقضايا المالية، وميل البنوك المركزية في الأسواق المتقدمة نحو تشديد السياسة النقدية وارتفاع أكبر من المتوقع في مؤشر أسعار المنتجين.

 واتسعت الفجوة بين عوائد سندات الخزانة لأجل عامين وعشرة أعوام، حيث أنهى العائد القياسي للسندات أجل 10 سنوات تداولات هذا الشهر دونن مستوى 1.50% بقليل، وهو المستوى الذي شوهد لآخر مرة في شهر يونيو الماضي، بينما تقلصت الفجوة بين عوائد سندات الخزانة لأجل خمسة أعوام وثلاثين عامًا، حيث حققت عوائد سندات الخزانة متوسطة الأجل مكاسب بعدما أقر الكونجرس صفقة التمويل المؤقتة.

كما شهدت عوائد سندات الخزانة الحقيقية ارتفاعًا على خلفية المراجعة التصاعدية التي قام بها الاحتياطي الفيدرالي لمعدلات النمو، ونتيجة لذلك، انخفضت جميع أسهم القطاعات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 فيما عدا أسهم قطاع الطاقة، والتي تحدت انخفاض الأسهم خلال شهر سبتمبر إذ تعززت بفضل الارتفاع في أسعار الطاقة على مدار الشهر.

سجلت الأسهم الأمريكية أول خسارة شهرية لها منذ شهر يناير 2021 وسط مخاوف من استمرار ارتفاع التضخم، وانتشار متحور دلتا، وحالة القلق المسيطرة على المستثمرين بشأن تقييمات الشركات، وتقارير أرباح الشركات الفصلية، والخفض التدريجي لمشتريات الاحتياطي الفيدرالي من الأصول.

علاوة على ذلك، شهدت الأصول عالية المخاطر موجات بيع مكثفة حول العالم خلال هذا الشهر مدفوعة بحالة القلق الناتجة عن أزمة ديون شركة إيفرجراند الصينية.

اتبعت الأسهم الأوروبية اتجاه نظرائها في الولايات المتحدة على خلفية صدور بعض تعليقات صانعو السياسة النقدية بالبنك المركزي الأوروبي والتي تميل نحو تشديد السياسة النقدية، الى جانب حالة عدم اليقين المخيمة قبل الانتخابات الألمانية، وتزايد قلق المستثمرين بشأن حالة التضخم في منطقة اليورو، خاصة بعد الاتجاه الصعودي لمعدل التضخم الرئيسي في شهر سبتمبر.

ارتفع مستوى التقلبات بسوق الأسهم الأمريكية بشكل كبير في شهر سبتمبر طبقًا لقراءات مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق، حيث ارتفع المؤشر بمقدار 6.66 نقطة خلال هذا الشهر ليصل إلى 23.14 نقطة، ليسجل بذلك مستوى أعلى من متوسطه منذ بداية العام والذي يبلغ 19.78 نقطة.

 تراجع الذهب نتيجة قوة الدولار، حيث استقر عند 1765 دولارًا للأونصة لينهي الشهر أدنى من مستوى 1800 دولار، والذي اخترق نهاية أغسطس ومنتصف سبتمبر.

وبالانتقال إلى العملات، انهى مؤشر الدولار شهر سبتمبر والربع الثالث بأداء إيجابي، حيث أغلق عند أعلى مستوى له في عام واحد مع تزايد الطلب على أصول الملاذ الآمن بسبب وضع المخاطرة الناتج عن المخاوف بشأن قطاع العقارات الصيني بالإضافة إلى تقليص توقعات النمو وزيادة العوائد.

 انخفضت جميع عملات الأسواق الناشئة وسط مخاوف من الركود التضخمي وابتعاد المستثمرين عن المخاطرة، باستثناء الروبل الروسي الذي استفاد من ارتفاع أسعار النفط والرينمينبي الصيني، والذي كان مدعومًا من قبل بنك الشعب الصيني (PBOC).

على صعيد الأسواق الناشئة، تراجعت فئات الأصول على أساس شهري وربع سنوي على خلفية أزمة ديون إيفرجراند ومخاوف التضخم المصحوب بالركود وسط ارتفاع في أسعار الطاقة.

 خلال شهر سبتمبر، قامت العديد من البنوك المركزية بالأسواق الناشئة بتشديد السياسة النقدية باستثناء تركيا، التي خفضت أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ومع ذلك، فقد زادت تدفقات المحفظة في الأسواق الناشئة مقارنة بالشهر السابق وسط زيادة الطلب على سوق الديون في المنطقة والتي قد تكون مرتبطة بالارتفاعات الأخيرة في أسعار الفائدة وإصدارات السندات الدولية في منطقة الأسواق الناشئة.

تسبب خفض سعر الفائدة في تركيا في حدوث اضطراب داخل البلاد حيث فقد المستثمرون الثقة في قرارات السياسة، وأدى ذلك إلى ارتفاع في عقود مبادلة مخاطر الائتمان وتراجع في سعر الليرة، التي وصلت إلى أضعف مستوياتها على الإطلاق، وجاء خفض أسعار الفائدة في تركيا وسط ارتفاع في معدل التضخم الرئيسي، مما دفع بالعوائد الحقيقية إلى المنطقة السلبية. 

الأكثر مشاهدة