النقد العربي: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر تسهم بـ45% من الناتج المحلي الإجمالي بالمنطقة

ايكونومي 24

أصدر صندوق النقد العربي دراسة بعنوان "خيارات السياسات الضريبية لدعم المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة".

واهتمت الدراسة بإلقاء الضوء على الأطر الضريبية الخاصة بالمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وأشارت إلى تعدد أهداف الدول من تبني هذه الأطر، فمنها ما يتعلق برغبة الدولة في زيادة مستويات الحصيلة الضريبية في ضوء الأهمية النسبية الكبيرة لعدد هذه المؤسسات ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي والتشغيل، ومنها ما يرتبط بحرص الدولة على إضفاء الصبغة الرسمية على التعاملات الاقتصادية ودمج أنشطة القطاع غير الرسمي في المنظومة الرسمية.

وقالت الدراسة إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر تلعب دورًا مهمًا فى دعم النمو الاقتصادي والتشغيل فى الدول العربية، إذ تسهم بنحو 45% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر ثلث فرص العمل فى القطاع الرسمي، كما تشكل ما بين 90% إلى 99% من إجمالي عدد المؤسسات العاملة في القطاع الرسمي في عدد من الدول العربية.

وأشارت الدراسة إلى تباين وجهات النظر فيما يتعلق بجدوى وجود نظام ضريبي منفصل للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة. ففي حين يرى البعض أن هذا النظام يمثل أحد دعائم البيئة المواتية لمثل هذه المشروعات، يرى البعض الآخر أن هذا النظام لا يجد ما يبرره من منظور الكفاءة في توزيع الموارد الاقتصادية، سواءً في ضوء محدودية الدلائل التي تفيد بدور هذه النظم الضريبية التحفيزية في زيادة مستويات المساهمة الاقتصادية لهذه المشروعات، أو في ضوء اعتبارات محدودية الموارد المالية والبشرية لدى السلطات الضريبية، بما يفرض عليها تخصيص الجانب الأهم من هذه الموارد لمتابعة مستويات الامتثال والسداد الضريبي لدى كبار الممولين، مقارنة بمثيلاتها لدى المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تتطلب موارد يصعب توفيرها في ضوء العدد الكبير للممولين من هذا القطاع.

كذلك أوضحت الدراسة أنه رغم تباين الآراء فيما يتعلق بجدوى وجود نظم ضريبية خاصة بالمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، إلا أن الارتفاع الكبير لتكلفة امتثال هذه المؤسسات للنظم الضريبية يفرض على السلطات الضريبية بشكل عام ضرورة توجيه الاهتمام في المقابل إلى تبني التدابير التي من شأنها تبسيط وتخفيض تكلفة امتثال هذه المشروعات للنظام الضريبي.

وتطرقت الدراسة كذلك إلى تجارب بعض الدول العربية فيما يتعلق بالأطر الضريبية للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بما يشمل كل من: الأردن، والإمارات، والبحرين، والسعودية، والكويت ومصر، والمغرب، وأشارت إلى حرص السلطات الضريبية في هذه الدول على تصميم خيارات السياسات الضريبية بما يدعم هذه المؤسسات عبر فرض معدلات ضريبية منخفضة على هذه الشركات، وتبسيط إجراءات امتثالها لهذه النظم الضريبية، ومنحها العديد من الإعفاءات الضريبية، إلى جانب حرص السلطات على القيام بعدد من الأنشطة التي تستهدف زيادة مستويات الوعي والامتثال الضريبي.

ولا تزال تجارب الدول العربية في هذا الإطار حديثة إلى حد ما بالقياس بالتجارب الدولية، وهو ما يُعزى إلى عدد من الأسباب، من بينها حداثة تطبيق الأطر الضريبية في بعض الدول العربية لاسيما النفطية منها (الإمارات، والبحرين، والسعودية، والكويت)، أو إلى حداثة وجود القوانين التي تنظم عمل قطاع المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في دول عربية أخرى، مثل مصر على سبيل المثال.

وتخضع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدول المُشار إليها بالأساس إلى ضريبة القيمة المُضافة، فيما تخضع إضافة إلى ذلك إلى الضريبة على دخل الشركات في السعودية، وإلى الضريبة على الدخل الشخصي ودخل الشركات في الأردن ومصر، وتخضع في المغرب للثلاث أنواع من الضرائب، ولكن وفق معايير تستهدف خفض العبء الضريبي على هذه المؤسسات. يتضح من تجارب الدول المُشار إليها عدم لجوء أي من الدول المتضمنة في الدراسة إلى تطبيق نظام الضريبة الموحدة على هذه المؤسسات والتي تجمع ما بين كل أنواع الضرائب المطبقة في الدولة في ضريبة واحدة ذات معدل ضريبي منخفض.

وأشارت الدراسة إلى ارتفاع مستويات الامتثال الضريبي لمؤسسات القطاع في عدد من الدول العربية مثل البحرين والأردن، لكن بشكل عام لا تزال هناك حاجة بالنسبة للعديد من الدول العربية إلى زيادة مستويات تبسيط وكفاءة النظم الضريبية، لا سيما عبر التحول الرقمي بما يسمح بزيادة معدلات الامتثال ليس فقط بالنسبة للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وإنما كذلك بالنسبة لكبار الممولين.

كما أوضحت الدراسة بحسب ما هو متوفر من إحصاءات إلى أهمية رفع مستوى مساهمة المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من مجمل الإيرادات الضريبية، إذ لا تتعد هذه النسبة 35 في المئة من مجمل الإيرادات في الدول المشمولة في الدراسة، وهو ما يلقي الضوء على أهمية مراجعة السياسات الضريبية تجاه هذه المؤسسات لزيادة مستويات الامتثال والتحصيل الضريبي، وكذلك تذليل العقبات التي تواجهها في هذا الإطار. كذلك أهمية تبني سياسات وطنية تستهدف دمج المؤسسات العاملة في القطاع غير الرسمي في المنظومة الرسمية، بهدف تحسين مستويات الإنتاجية والتنافسية والامتثال الضريبي