الذهب يتراجع عالميًا تحت ضغط محضر الفيدرالي وهدوء التوترات الجيوسياسية
تراجعت أسعار الذهب خلال تعاملات يوم الأربعاء، متأثرة بتراجع الطلب على الملاذات الآمنة، عقب صدور محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والذي كشف عن انقسامات واضحة بين أعضاء لجنة السياسة النقدية بشأن قرار خفض أسعار الفائدة الأخير.
وجاءت خسائر المعدن الأصفر في ظل تنامي حالة الحذر داخل الأسواق العالمية، حيث أظهر محضر الفيدرالي اعتراض عدد من الأعضاء على خفض الفائدة، مقابل تأييد مشروط من آخرين، ما أعاد الجدل حول مسار السياسة النقدية الأمريكية خلال السنوات المقبلة.
ضغوط السياسة النقدية على الذهب
وانخفضت أسعار الذهب الفوري بنحو 0.41%، ما يعادل قرابة 18 دولارًا، لتتداول الأوقية قرب مستوى 4321 دولارًا، في إشارة إلى ضعف شهية المستثمرين تجاه المعدن النفيس، مع ترقب أي إشارات جديدة تتعلق بأسعار الفائدة والسيولة العالمية.
وكشف محضر الاجتماع عن انقسام هو الأبرز منذ عام 2019، حيث اعترض ثلاثة أعضاء على خفض الفائدة، بينما فضل باقي الأعضاء تمرير القرار للحفاظ على التوافق داخل اللجنة، وسط توقعات بخفض محدود للفائدة خلال عامي 2026 و2027 للوصول إلى المستوى المحايد.
وينظر إلى هذه التوقعات باعتبارها عامل ضغط مباشر على الذهب، الذي يتأثر سلبًا بارتفاع أو استقرار أسعار الفائدة، نظرًا لزيادة جاذبية الأصول المدرة للعائد.
هدوء جيوسياسي يقلل الطلب على الملاذ الآمن
زاد من الضغوط على أسعار الذهب تراجع حدة التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا، بعد تصريحات للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبدى خلالها استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين في أي وقت، في إطار البحث عن حلول دبلوماسية للنزاع.
كما أشار زيلينسكي إلى مناقشات جارية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تعزيز الأمن العسكري لأوكرانيا، وهو ما ساهم في تهدئة المخاوف مؤقتًا، وأضعف الإقبال على أصول التحوط وفي مقدمتها الذهب.
المعادن النفيسة تتكبد خسائر جماعية
وامتدت موجة التراجع إلى باقي المعادن النفيسة، حيث هبطت أسعار الفضة الآجلة بأكثر من 8% لتسجل نحو 71.57 دولارًا للأوقية، فيما تراجع البلاتين بنحو 11.9% إلى 1987.40 دولارًا، وانخفض البلاديوم بنسبة 8.2% ليصل إلى 1588.50 دولارًا للأوقية.
وتعكس هذه التحركات تأثر أسواق المعادن بتوقعات السياسة النقدية الأمريكية، إلى جانب الارتباط الوثيق بين تحركات الذهب والفضة في أوقات التقلبات.
نظرة مستقبلية للأسعار
ويرى محللون أن أسعار الذهب قد تشهد مزيدا من التذبذب خلال الفترة المقبلة، خاصة في حال استمرار الانقسامات داخل الاحتياطي الفيدرالي أو ظهور مستجدات جيوسياسية جديدة. وفي المقابل، قد يوفر تباطؤ الاقتصاد الأمريكي أو عودة الضغوط التضخمية دعمًا نسبيًا للمعدن الأصفر على المدى المتوسط.
ويظل الذهب، رغم تراجعاته الحالية، أحد أهم أدوات التحوط في أوقات عدم اليقين، مع احتفاظه بمكانته كأصل استراتيجي طويل الأجل في محافظ المستثمرين، خاصة مع تقلب المشهدين الاقتصادي والسياسي عالميًا