فريد: معايير المراجعة المصرية الجديدة نقلة نوعية لتحسين جودة القوائم المالية
أكد الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن الهيئة تقود إصلاحًا شاملًا وغير مسبوق لتحديث البنية التشريعية والتنظيمية للمهنة، استعدادًا للتعامل مع التحديات والفرص التي يفرضها عصر الذكاء الاصطناعي.
وجاء ذلك خلال كلمته الرئيسية في افتتاح مؤتمر "مستقبل مهنة المحاسبة والمراجعة في مصر في عصر الذكاء الاصطناعي" الذي عقد بالقاهرة السبت، بحضور السيد أحمد كجوك، وزير المالية، وممثلين عن الجهاز المركزي للمحاسبات ونقابة التجاريين.
وبصفته رئيسًا للجنة الدائمة لمعايير المحاسبة المصرية والمعايير المصرية للمراجعة والفحص المحدود ومهام التأكد الأخرى، أوضح الدكتور فريد، أن اللجنة أدخلت أكثر من 15 تعديلًا وتحديثًا جوهريًا على معايير المحاسبة المصرية، مشيرًا إلى أن استحداث بعض هذه المعايير كان يمثل "حلمًا" لأبناء المهنة قبل أن يصبح اليوم واقعًا مُطبقًا.
وأكد رئيس الهيئة أن عام 2027 سيكون محطة فارقة لاستكمال تحديث معايير المراجعة، مشددًا على أن "الوقت يمر سريعًا" وأن الهيئة ستطبق المنظومة الجديدة بحزم كامل على الشركات الخاضعة لرقابتها والشركات التي تمتلك الأسهم المتداولة بالأسواق.
وقد أصدر دولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، في مطلع نوفمبر الجاري القرار رقم 3725 لسنة 2025 بتطبيق المعايير المصرية الجديدة للمراجعة والفحص المالي، بعد جهود مكثفة للجنة الدائمة برئاسة الدكتور محمد فريد.
ونص القرار على إلغاء العمل بالمعايير السابقة اعتبارًا من أول يناير 2027، في خطوة تُعد أول تحديث شامل لمعايير المراجعة منذ إصدارها عام 2008.
وأوضح الدكتور فريد، في كلمته أن التحديثات الجديدة شملت موضوعات كانت تُعد سابقًا شديدة التعقيد، مثل معايير تقييم الاستثمارات العقارية والأصول الثابتة والأصول غير الملموسة وكيفية تضمينها ومراجعتها.
وفيما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي، قال رئيس الهيئة: "الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي لن يكون له تأثير على مستوى التوظيف غير حقيقي… فالتأثير واقع بالفعل". وأشار إلى تقارير صادرة عن شركات كبرى مدرجة بأسواق عالمية مثل ناسداك ونيويورك ولندن، والتي أعلنت عن الاستغناء عن موظفين نتيجة الاعتماد على كفاءات إنتاجية مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وأكد الدكتور فريد، أن الذكاء الاصطناعي لن يعمل بكفاءة دون إطار صارم من المعايير المحاسبية والمراجعية المنضبطة، مشددًا على أن الهدف الأول للهيئة هو تمكين المهنيين وضمان توافق النظام المصري مع المعايير الدولية.
وأضاف أن جوهر عملية المراجعة، القائم على التشكك المهني وحسن اتخاذ القرار، سيظل عنصرًا بشريًا أصيلًا، وأن الذكاء الاصطناعي سيكون داعمًا من خلال تقديم مؤشرات وقرائن أدق، مما يتطلب تطويرًا نوعيًا لقدرات العاملين في المهنة.
وأشار رئيس الهيئة، إلى أن الرهان الحقيقي الآن هو على تطوير الكوادر البشرية، مؤكدًا أن المخاوف السابقة من عدم قدرة العاملين على تطبيق المعايير الأكثر تعقيدًا قد انتهت بفضل الإيمان بقدرات المهنيين المصريين.
واستشهد الدكتور فريد، بمقولة: "لا يزال المرء عالمًا ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنه قد علم فقد جهل". وأوضح أن الهيئة تتعاون مع كافة الجهات المرتبطة لتطوير المهنة.
وأشار إلى خطة التدريب المتكاملة التي يقودها معهد الخدمات المالية بالتعاون مع نقابة التجاريين وجمعية المحاسبين والمراجعين والمعهد المصري للمحاسبين والمراجعين ستراعي احتياجات آلاف الشركات في السوق المصرية، وليس الشركات المقيدة فقط.
وفي ختام كلمته، أعلن رئيس الهيئة التوجه نحو رقمنة مكاتب المراجعة لإحداث طفرة في جودة التقارير المالية، وذلك من خلال تعاون بين معهد المحاسبين والمختبر التنظيمي للهيئة لدراسة آليات رقمنة عمليات المراجعة وإدارة مكاتب المراجعة.
كما كشف عن تعديلات مرتقبة في معايير الحوكمة للشركات المقيدة والعاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية، تتضمن وضع ضوابط واضحة وعادلة لعملية تغيير المراجع الخارجي. وأضاف أن الهيئة بصدد إطلاق معايير جديدة للمحاسبة والمراجعة للشركات الصغيرة والمتوسطة بما يعزز قدرتها على الامتثال ويرفع جودة تقاريرها المالية.
واختتم الدكتور فريد بالتأكيد على أن المنظومة الجديدة ستقود مهنة المحاسبة والمراجعة إلى مرحلة أكثر مهنية وانضباطًا وشفافية، مضيفًا: "أؤكد لكم… لن يُسمح لأي طرف بالتأثير عليكم أو استبدالكم بسبب رأي مهني سديد في التقارير المالية"